معدن معروف يقرب الفضة ليس بينهما تبائن إلا بالحمرة واليبس وكثرة الأوساخ، والقبرص أجود النحاس، وقبرص معرب يوناني اسم جزيرة، ومنها كان يجلب النحاس قديما. قال ابن بيطار: النحاس أنواعه ثلاثة، فمنه أحمر إلى الصفرة ومعادنه بقبرص وهو أفضله. انتهى.
والصفر النحاس الذي تعمل منه الأواني، وهو الذهب أيضا. انتهى (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (له) أي للرجل (ما لي) ما استفهام إنكار ونسبه إلى نفسه والمراد به المخاطب أي مالك (أجد منك ريح الأصنام) لأن الأصنام كانت تتخذ من الشبه. قاله الخطابي (فطرحه) أي فطرح الرجل خاتم الشبه وقيل الضمير المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم (حلية أهل النار) بكسر الحاء، جمع الحلي. أي زينة بعض الكفار في الدنيا أو زينتهم في النار بملابسة السلاسل والأغلال، وتلك في المتعارف بيننا متخذة من الحديد. وقيل إنما كرهه لأجل نتنه (ولا تتمه) بضم أوله وتشديد الميم المفتوحة، أي لا تكمل وزن الخاتم من الورق (مثقالا) قال ابن الملك تبعا للمظهر هذا نهي إرشاد إلى الورع فإن الأول أن يكون الخاتم أقل من مثقال لأنه أبعد من السرف. وذهب جمع من الشافعية إلى تحريم ما زاد على المثقال، ورجح الآخرون الجواز، منهم الحافظ العراقي في شرح الترمذي فإنه حمل النهي المذكور على التنزيه.
قلت: والحديث مع ضعفه يعارض حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها " أخرجه أبو داود وسيأتي وإسناده صحيح، فإن هذا الحديث يدل على الرخصة في استعمال الفضة للرجال، وأن في تحريم الفضة على الرجال لم يثبت فيه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جاءت الأخبار المتواترة في تحريم الذهب والحرير على الرجال فلا يحرم عليهم استعمال الفضة إلا بدليل ولم يثبت فيه دليل. والله أعلم. والحديث يدل على كراهة لبس خاتم الحديد والصفر قال القاري: وبه صرح علماؤنا. قال ونقل النووي في شرح المهذب عن صاحب الإبانة كراهتهما، وعن المتولي لا يكره واختاره فيه وصححه في شرح مسلم لخبر الصحيحين في قصة الواهبة: اطلب ولو خاتما من حديد. انتهى. قال النووي في شرح مسلم: لأصحابنا في كراهة خاتم الحديد وجهان: أصحهما لا يكره لأن الحديث في النهي عنه ضعيف.
قال الحافظ: لا حجة في قصة الواهبة بقوله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد "