وقال في النهاية: قال أبو موسى يحتمل عندي أن الرواية إنما هي العصب بفتح الصاد وهو إطناب مفاصل الحيوانات وهو شئ مدور فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز، فإذا يبس يتخذون منه القلائد وإذا أمكن وجاز أن يتخذ الأسورة من عظام السلحفاة جاز من عصب أشباهها اتخاذ خرز القلائد وذكر أن العصب سن دابة بحرية تسمى فرس فرعون يتخذ منه الخرز ونصاب السكين ويكون أبيض انتهى. (وسوارين من عاج) قال الخطابي في المعالم: العاج الذبل وهو عظيم ظهر السلحفاة البحرية: فأما العاج الذي تعرفه العامة فهو أنياب الفيل وهو ميتة لا يجوز استعماله انتهى.
قال التوربشتي بعد ما نقل عبارة الخطابي هذه من العجيب العدول عن اللغة المشهورة إلى ما لم يشتهر بين أهل اللسان، والمشهور أن العاج عظم أنياب الفيلة وعلى هذا يفسره الناس أولهم وآخرهم انتهى.
قال القاري: لعل وجه العدول أن عظم الميت نجس عنده انتهى.
قلت: لا شك أن وجه العدول، هو ما قال القاري كما يظهر من عبارة الخطابي، وقد وقع الاختلاف في عظم الفيل، فعند الشافعي نجس، وعند أبي حنيفة طاهر، ونقل عن شيخ الاسلام الحافظ بن تيمية رحمه الله أنه قال: عظم الميتة ليس بنجس ولا تحله الحياة وقد اتخذ الصحابة رضي الله عنهم أمشطة من عظام الفيل فلو كان نجسا ما اتخذوه انتهى.
وفي صحيح البخاري قال الزهري في عظام الموتى نحو الفيل وغيره أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها لا يرون به بأسا.
وقال ابن سيرين وإبراهيم لا بأس بتجارة العاج.
قال الحافظ في الفتح: والعاج هو ناب الفيل.
قال ابن سيده لا يسمى غيره عاجا.
وقال القزاز: أنكر الخليل أن يسمي غير ناب الفيل عاجا.
وقال ابن فارس والجوهري: العاج عظم الفيل فلم يخصصاه بالناب.
وقال الخطابي: العاج الذبل وهو ظهر السلحفاة البحرية.
قال الحافظ: وفيه نظر، ففي الصحاح المسك السوار من عاج أو ذيل فغاير بينهما لكن قال القالي العرب تسمي كل عظم عاجا، فإن ثبت هذا فلا حجة في الأثر المذكور على طهارة