* (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم) * والحاصل أن الآية الأولى بعمومها كانت شاملة للقواعد من النساء أيضا، فلما نزلت الآية الثانية خرجن من حكم الآية الأولى، فلهن أن لا يغضضن من أبصارهن.
قال المنذري: في إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال.
(حدثني نبهان) بنون مفتوحة ثم موحدة ساكنة (احتجبا) الخطاب لأم سلمة وميمونة رضي الله عنهما (منه) أي من ابن أم مكتوم (أفعمياوان) تثنية عمياء تأنيث أعمى. وقد استدل بحديث أم سلمة هذا من قال إنه يحرم على المرأة نظر الرجل كما يحرم على الرجل نظر المرأة، وهو أحد قول الشافعي وأحمد قال النووي: وهو الأصح ولقوله تعالى: * (قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) * ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن الإلى النوع الآخر قياسا على الرجال ويحققه أن المعنى المحرم للنظر هو خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجل.
واحتج من قال بالجواز فيما عدا ما بين سرته وركبته بحديث عائشة قالت: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأمه فأقد قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو " رواه الشيخان.
ويجاب عنه بأن عائشة كانت يومئذ غير مكلفة على ما تقتضي به عبارة الحديث. وقد جزم النووي بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان ذلك قبل الحجاب. وتعقبه الحافظ بأن في بعض طرق الحديث أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة. واحتجوا أيضا بحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ويجاب بأنه يمكن ذلك مع غض البصر منها ولا ملازمة بين الاجتماع في البيت والنظر.
(قال أبو داود هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة إلخ) أي حديث أم سلمة مختص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث فاطمة بنت قيس لجميع النساء هكذا جمع المؤلف أبو داود بين الأحاديث.