الراء، وقال البخاري في صحيحه: حدثنا أبو نعيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، لا كفارة لها إلا ذلك وأقم الصلاة لذكري) قال موسى قال همام سمعته يقول بعد (وأقم الصلاة للذكرى) انتهى. قال العيني:
حاصله أن هماما سمعه من قتادة مرة بلفظ للذكرى يعنى بقراءة ابن شهاب التي ذكرناها ومرة بلفظ لذكري أي بالقراءة المشهورة. وعلى القراءتين اختلفوا في المراد فقيل المعنى لتذكرني فيها وقيل لأوقات ذكرى وهي مواقيت الصلاة وقال الشيخ التوربشتي: هذه الآية تحتمل وجوها كثيرة من التأويل لكن الواجب أن يصار إلى وجه يوافق الحديث، فالمعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى. أو يقدر المضاف أي لذكر صلاتي، أو وقع ضمير الله موضع ضمير البلاد لسرفها وخصوصيتها انتهى.
وقال ابن الملك: لذكري من باب إضافة المصدر إلى المفعول، واللام بمعنى الوقت، أي إذا ذكرت صلاتي بعد النسيان. انتهى. وإن شئت التفصيل فارجع إلى غاية المقصود. قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه أنهم لم يصلوا في مكانهم ذلك عند ما استيقظوا حتى اقتادوا رواحلهم ثم توضأوا، ثم أقام بلال وصلى بهم. وقد اختلف الناس في معنى ذلك وتأويله، فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لترتفع الشمس فلا يكون في وقت منهى عن الصلاة فيه وذلك أول تبزغ الشمس قالوا: والفوائت لا تقضي في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وعلى هذا مذهب أصحاب الرأي. وقال مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق: تقضي الفوائت في كل وقت نهى عن الصلاة فيه، أو لم ينه عنها إذا كان لها سبب، وذلك إنما نهى عن الصلاة في تلك الأوقات إذا كان تطوعا وابتداء من قبل الاختيار دون الواجبات، فأما الفوائت فإنها تقضى الفوائت فيها إذا ذكرت في أي وقت كان بدليل الخبر، وروى معنى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنه، وهو قول النخعي والشعبي وحماد وتأولوا أو من تأول منهم القصة في قود الرواحل وتأخير الصلاة عن المكان الذي كانوا فيه على أنه أراد أن يتحول عن المكان الذي أصابته الغفلة فيه والنسيان، كما يظهر هذا المعنى من الرواية الآتية من طريق أبان العطار.
فإن قيل: قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) فكيف ذهب عن الوقت ولم يشعر به، قلنا: قد تأوله بعض أهل العلم على أنه خاص في أمر الحدث وذلك أن النائم قد يكون منه الحدث ولا يشعر به، وليس كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قلبه لا ينام حتى يشعر بالحدث. وقد قيل: إن ذلك من أجل أنه يوحى إليه في منامه فلا ينبغي لقلبه أن ينام، فأما