استيقاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الناس إيماء إلى أن النفوس الزكية وإن غلب عليها في بعض الأحيان شئ من الحجب البشرية لكنها عن قريب ستزول وأن كل من هو أزكى كان زوال حجبه أسرع (ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم) بكسر الزاء المعجمة وعين مهملة أي من استيقاظه وقد فاتته الصبح. وقال الخطابي: معناه انتبه من نومه، يقال فزعت الرجل من نومه إذا أيقظته ففزع أي نبهته فانتبه أن (فقال يا بلال) والعتاب محذوف أو مقدر، أي لم نمت حتى فاتتنا الصلاة (فقال) أي بلال معتذرا (أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك) أي كما توفاك الله في النوم توفاني، أو يقال معناه غلب على نفسي ما غلب على نفسك من النوم أي كان نومي بطريق الاضطرار دون الاختيار ليصح الاعتذار (فاقتادوا) ماض أي ساقوا (رواحلهم شيئا) يسيرا من الزمان أو اقتيادا قليلا من المكان يعني قال اذهبوا رواحلكم فذهبوا بها من ثمة مسافة قليلة (وأمر بلالا فأقام لهم الصلاة) فيه أنه اقتصر على الإقامة ولم يأمر بالأذان. وسيجئ تحقيقه في الحديث الآتي (وصلى لهم الصبح) أي قضاء (قال من نسي صلاة) وفي معنى النسيان النوم أو من تركها بنوم أو نيسان (فليصلها إذا ذكرها) فإن في التأخير آفات. وظاهر هذا الحديث يوجب الترتيب بين الفائتة والأدائية (أقم الصلاة للذكرى) بالألف واللام وفتح الراء بعدها ألف مقصورة، ووزنها فعلى مصدر من ذكر يذكر (قال يونس وكان ابن شهاب يقرؤها كذلك) أي بلامين وفتح الراء بعدها ألف مقصورة وفي صحيح مسلم وسنن ابن ماجة قال يونس وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى انتهى. وهذه قراءة شاذة والقراءة المشهورة لذكرى بلام واحدة وكسر الراء كما سيجئ (قال عنبسة يعني عن يونس في هذا الحديث لذكري) أي بلام واحدة وكسر الراء وهي القراءة المشهورة وأخرج مسلم وابن ماجة عن حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب بإسناده وفيه فإن الله تعالى قال (أقم الصلاة لذكري) أي بلام واحدة وكسر
(٧٤)