الإثبات كما في كلمة الشهادة، وهذا مبني على أن الحكمة في الرفع ما ذكر، وقد قال فريق من العلماء الحكمة في اقترانهما أن يراه الأصم ويسمعه الأعمى، وقد ذكرت في ذلك مناسبات أخر انتهى. وقال النووي في شرح مسلم: أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام انتهى (حتى يحاذي منكبيه) أي يقابلهما، والمنكب مجمع العضد والكتف وبهذا أخذ الشافعي والجمهور، وذهب الحنفية إلى حديث مالك بن الحويرث أخرجه مسلم وفي لفظ له عنه: (حتى يحاذي بهما فروع أذنيه) وروى أبو ثور عن الشافعي أنه جمع بينهما فقال يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين، ويؤيده رواية أخرى عند المؤلف بلفظ (حتى كانتا حيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه).
فائدة: لم يرد ما يدل على التفرقة في الرفع بين الرجل والمرأة، وعن الحنيفة: يرفع الرجل إلى الأذنين والمرأة إلى المنكبين لأنه أستر لها والله أعلم. قاله الحافظ (وإذا أراد أن يركع) أي رفع يديه (وبعد ما يرفع رأسه) أي رفع يديه أيضا. قال الحافظ ابن حجر معناه بعد ما يشرع في الرفع لتتفق الروايات وفي رواية البخاري: (كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا) (ولا يرفع بين السجدتين) وفي رواية للبخاري: (ولا يفعل ذلك في السجود).
قال الحافظ: أي لا في الهوى إليه ولا في الرفع منه كما في رواية شعيب في الباب الذي بعده حيث قال حين يسجد ولا حين يرفع رأسه، وهذا يشمل ما إذا نهض من السجود إلى الثانية والرابعة والتشهدين ويشمل ما إذا قام إلى الثالثة أيضا لكن بدون تشهد لكونه غير واجب. وإذا قلنا باستحباب جلسة الاستراحة لم يدل هذا اللفظ على نفي ذلك عند القيام منها إلى الثانية والرابعة، لكن قد روى يحيى القطان عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا هذا الحديث وفيه: (ولا يرفع بعد ذلك) أخرجه الدارقطني في الغرائب بإسناد حسن، وظاهره يشمل النفي عما عدا المواطن الثلاثة وسيأتي إثبات ذلك في مواطن رابع بعد بباب انتهى. قال المنذري:
وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.