شيخنا أي الامر البين الظاهر أو المراد الملك بالحق أي الامر الذي بعث له (قوله فجاءه الملك تقدم في بدء الوحي الكلام على الفاء التي في قوله فجاءه الملك وأنها التفسيرية وقال شيخنا البلقيني يحتمل أن تكون للتعقيب والمعنى بمجئ الحق انكشاف الحال عن أمر وقع في القلب فجاءه لذلك عقبة ويحتمل أن تكون سببية أي حتى قضى بمجئ الوحي فبسبب ذلك جاءه الملك (قلت) وهذا أقرب من الذي قبله وقوله فيه يؤخذ منه رفع توهم من يظن أن الملك لم يدخل إليه الغار بل كلمه والنبي صلى الله عليه وسلم داخل الغار والملك على الباب وقد عزوت هذه الزيادة في التفسير لدلائل البيهقي تبعا لشيخنا البلقيني ثم وجدتها هنا فكان العزو إليه أولى فألحقت ذلك هناك قال شيخنا البلقيني الملك المذكور هو جبريل كما وقع شاهده في كلام ورقة وكما مضى في حديث جابر أنه الذي جاءه بحراء ووقع في شرح القطب الحلبي الملك هنا هو جبريل قاله السهيلي فتعجب منه شيخنا وقال هذا لا خلاف فيه فلا يحسن عزوه للسهيلي وحده قال واللام في الملك لتعريف الماهية لا للعهد إلا أن يكون المراد به ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك لما كلمه في صباه أو اللفظ لعائشة وقصدت به ما تعهده من تخاطبه به انتهى وقد قال الإسماعيلي هي عبارة عما عرف بعد أنه ملك وانما الذي في الأصل فجاءه جاء وكان ذلك الجائي ملكا فأخبر صلى الله عليه وسلم عنه يوم أخبر بحقيقة جنسه وكأن الحامل على ذلك أنه لم يتقدم له معرفة به انتهى وقد جاء التصريح بأنه جبريل فأخرج أبو داود الطيالسي في مسنده من طريق أبي عمران الجوني عن رجل عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف هو وخديجة فوافق ذلك رمضان فخرج يوما فسمع السلام عليكم قال فظننت أنه من الجن فقال أبشروا فان السلام خير ثم رأى يوما آخر جبريل على الشمس له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب قال فهبت منه الحديث وفيه أنه جاءه فكلمه حتى أنس به وظاهره أن جميع ما وقع له كان وهو في الغار لكن وقع في مرسل عبيد بن عمير فأجلسني على درنوك فيه الياقوت واللؤلؤ وهو بضم الدال والنون بينهما راء ساكنة نوع من البسط له خمل وفي مرسل الزهري فأجلسني على مجلس كريم معجب وأفاد شيخنا أن سن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه جبريل في حراء كان أربعين سنة على المشهور ثم حكى أقولا أخرى قيل أربعين يوما وقيل عشرة أيام وقيل شهرين وقيل وسنتين وقيل ثلاثا وقيل خمسا قال وكان ذلك يوم الاثنين نهارا قال واختلف في الشهر فقيل شهر رمضان في سابع عشره وقيل سابعة وقيل رابع عشريه (قلت) ورمضان هو الراجح لما تقدم من أنه الشهر الذي جاء فيه في حراء فجاءه الملك وعلى هذا فيكون سنه حينئذ أربعين سنة وستة أشهر وليس ذلك في الأقوال التي حكاها شيخنا ثم قال وسيأتي ما يؤيد ذلك من قول من قال أن وحي المنام كان ستة أشهر قال شيخنا وقيل في سابع عشري من شهر رجب وقيل في أول شهر ربيع أول وقيل في ثامنه انتهى ووقع في رواية الطيالسي التي أشرت إليها أن مجئ جبريل كان لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى أهله فإذا هو بجبريل وميكائيل فهبط جبريل إلى الأرض وبقي ميكائيل بين السماء والأرض الحديث فيستفاد من ذلك أن يكون في آخر شهر رمضان وهو قول آخر يضاف لما تقدم ولعله أرجحها (قوله فقال اقرأ) قال شيخنا ظاهره أنه لم يتقدم من جبريل شئ قبل هذه الكلمة ولا السلام فيحتمل أن يكون سلم وحذف ذكره لأنه معتاد وقد سلم الملائكة على إبراهيم حين
(٣١٣)