أن ترده نعم غيره للشرب وهو لا حاجة به إلى الماء الذي يمنعه وانما حاجته إلى الكلأ وهو لا يقدر على منعه لكونه غير مملوك له فيمنع الماء فيتوفر له الكلأ لان النعم لا تستغني عن الماء بل إذا رعت الكلأ عطشت ويكون ماء غير البئر بعيدا عنها فيرغب صاحبها عن ذلك الكلأ فيتوفر لصاحب البئر بهذه الحيلة انتهى موضحا قال وفيه معنى أخر وهو أنه قد يخص أحد معاني الحديث ويسكت عن البقية لان ظاهر الحديث اختصاص النهي بما إذا أريد به منع الكلأ فإذا لم يرد به ذلك فلا نهي عن منع الكلأ والحديث معناه لا يمنع فضل الماء بوجه من الوجوه لأنه إذا لم يمنع بسبب غيره فأحرى أن لا يمنع بسبب نفسه وفي تسميته فضلا إشارة إلى أنه إذا لم تكن زيادة عن حاجة صاحب البئر جاز لصاحب البئر منعه والله أعلم وقال ابن المنير وجه مطابقة الترجمة أن الآبار التي في البوادي لمحتفرها أن يختص بما عدا فضلها من الماء بخلاف الكلأ المباح فلا اختصاص له به فلو تحيل صاحب البئر فدعى أنه لا فضل في ماء البئر عن حاجته ليتوفر له الكلأ الذي بقربه لان صاحب الماشية حينئذ يحتاج أن يحولها إلى ماء آخر لأنها لا تستطيع الرعي على الظمأ لدخل في النهي ثم قال ولا يلزم من كون دعواه كذبا محضا أن لا يكون في كلامه تحيل على منع المباح فحجته ظاهرة فيما له فيه مقال وهو الماء تحيلا على ما لا حق له فيه ولا حجة وهو الكلأ (قلت) وهذا جواب عن أصل التحيل لا عن خصوص التحيل في البيع ومن ثم قال الكرماني هو من قبيل ما ترجم به وبيض له فلم يذكر فيه حديثا يريد أنه ترجم بالتحيل بالبيع وعطف عليه ولا منع فضل الماء وذكر الحديث المتعلق بالثاني دون الأول لكن لا يدفع هذا القدر السؤال عن حكمه إيراد منع فضل الماء في ترك الحيل ثم قال الكرماني يمكن أن يكون المنع أعم من أن يكون بطريق عدم البيع أو بغيره انتهى ويظهر أن المناسبة بينهما ما أشار اله ابن المنير لكن تمامه أن يقال إن صاحب البئر يدعي أنه لافضل في ماء البئر ليحتاج من احتاج إلى الكلأ أن يبتاع منه ماء بئره ليسقي ماشيته فيظهر حينئذ أنه تحيل بالجحد على حصول البيع ليتم مراده في أخذ ثمن ماء البئر وفي توفير الكلأ عليه وأما ابن بطال فأدخل في هذه الترجمة حديث النهي عن النجش فلو كان كذلك لبطل الاعتراض لكن ترجمة النجش موجودة في جميع الروايات بين الحديثين عز وجل (قوله باب ما يكره من التناجش) أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكور في الباب بلفظ نهى عن النجش من حديث أبي هريرة بلفظ لا تناجشوا وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب البيوع والمراد بالكراهة في الترجمة كراهة التحريم (قوله باب ما ينهى من الخداع) في رواية الكشميهني عن الخداع ويقال له الخدع بالفتح والكسر ورجل خادع وفي المبالغة خدوع وخداع (قوله وقال أيوب) هو السختياني (يخادعون الله كأنما يخادعون آدميا لو أتوا الامر عيانا كان أهون علي) وصله وكيع في مصنفه عن سفيان بن عيينة عن أيوب وهو السختياني قال الكرماني قوله عيانا أي لو أعلنوا بأخذ الزائد على الثمن معاينة بلى تدليس لكان أسهل لأنه ما جعل الدين آلة للخداع انتهى ومن ثم كان سالك المكر والخديعة حتى يفعل المعصية أبغض عند الناس ممن يتظاهر بها وفي قلوبهم أوضع وهم عنه أشد نفرة وحديث ابن عمر إذا بايعت فقل لا خلابة بكسر المعجمة وتخفيف اللام ثم موحدة تقدم شرحه مستوفى في كتاب البيوع قال المهلب معنى قوله لا خلابة لا تخلبوني أي
(٢٩٧)