للجميع والتعبير خاص بتفسير الرؤيا وهو العبور من ظاهرها إلى باطنها وقيل النظر في الشئ فيعتبر بعضه ببعض حتى يحصل على فهمه حكاه الأزهري وبالأول جزم الراغب وقال أصله من العبر بفتح ثم سكون وهو التجاوز من حال إلى حال وخصوا تجاوز الماء بسباحة أو في سفينة أو غيرها بلفظ العبور بضمتين وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم جازوا القنطرة من الدنيا إلى الآخرة قال الاعتبار والعبرة الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ليس بمشاهد ويقال عبرت الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها وعبرتها بالتشديد للمبالغة في ذلك وأما الرؤيا فهي ما يراه الشخص في منامة وهي بوزن فعلى وقد تسهل الهمزة وقال الواحدي هي في الأصل مصدر كاليسرى فلما جعلت اسما لما يتخيله النائم أجريت مجرى الأسماء قال الراغب والرؤية بالهاء إدراك المرء بحاسة البصر وتطلق على ما يدرك بالتخيل نحو أرى أن زيدا مسافر وعلى التفكر النظري نحو اني أرى ما لا ترون وعلى الرأي وهو اعتقاد أحد النقيضين على غلبة الظن انتهى وقال القرطبي في المفهم قال بعض العلماء قد تجئ الرؤية بمعنى الرؤيا كقوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس فزعم أن المراد بها ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء من العجائب وكان الاسراء جميعه في اليقظة قلت وعكسه بعضهم فزعم أنه حجة لمن قال أن الاسراء كان مناما والأول المعتمد وقد تقدم في تفسير الاسراء قول ابن عباس إنها رؤيا عين ويحتمل أن تكون الحكمة في تسمية ذلك رؤيا لكون أمور الغيب مخالفة لرؤيا الشهادة فأشبهت ما في المنام وقال القاضي أبو بكر ابن العربي الرؤيا إدراكات علقها الله تعالى في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان إما بأسمائها أي حقيقتها وإما بكناها أي بعبارتها وإما تخليط ونظيرها في اليقظة الخواطر فإنها قد تأتي على نسق في قصة وقد تأتي مسترسلة غير محصلة هذا حاصل قول الأستاذ أبي إسحاق قال وذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أنها اعتقادات واحتج بان الرائي قد يرى نفسه بهيمة أو طائرا مثلا وليس هذا إدراكا فوجب أن يكون اعتقادا لان الاعتقاد قد يكون على خلاف المعتقد قال ابن العربي والأول أولى والذي يكون من قبيل ما ذكره ابن الطيب من قبيل المثل فالادراك انما يتعلق به لا بأصل الذات انتهى ملخصا وقال المازري كثر كلام الناس في حقيقة الرؤيا وقال فيها غير الاسلاميين أقاويل كثير منكرة لانهم حاولوا الوقوف على حقائق لا تدرك بالعقل ولا يقوم عليها برهان وهم لا يصدقون بالسمع فاضطربت أقوالهم فمن ينتمي إلى الطب ينسب جميع الرؤيا إلى الاخلاط فيقول من غلب عليه البلغم رأى أنه يسبح في الماء ونحو ذلك لمناسبة الماء طبيعة البلغم ومن غلبت عليه الصفراء رأى النيران والصعود في الجو وهكذا إلى آخره وهذا وان جوزه العقل وجاز أن يجري الله العادة به لكنه لم يقم عليه دليل ولا اطردت به عادة والقطع في موضع التجويز غلط ومن ينتمي إلى الفلسفة يقول إن صور ما يجري في الأرض هي في العالم العلوي كالنقوش فما حاذى بعض النقوش منها انتقش فيها قال وهذا أشد فسادا من الأول لكونه تحكما لا برهان عليه والانتقاش من صفات الأجسام وأكثر ما يجري في العالم العلوي الاعراض والاعراض لا ينتقش فيها قال والصحيح ما عليه أهل السنة أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان فإذا خلقها فكأنه جعلها علما على أمور أخرى يخلقها في ثاني الحال ومهما وقع منها على خلاف المعتقد فهو كما يقع لليقظان ونظيره أن
(٣٠٩)