أظهر الاسلام فحقن دمه وصار ما وقع منه قبل الاسلام عفوا ومنها أن في جوابه عن الاستشكال نظرا لأنه كان يمكنه أن يدفع بالقول بأن يقول له عند إرادة المسلم قتله اني مسلم فكيف عنه وليس له أن يبادر لقطع يده مع القدرة على القول المذكور ونحوه واستدل به على صحة من قال أسلمت لله ولم يزد على ذلك وفيه نظر لان ذلك كاف في الكف على أنه ورد في بعض طرقه أنه قال لا اله إلا الله وهو رواية معمر عن الزهري عند مسلم في هذا الحديث واستدل به على جواز السؤال عن النوازل قبل وقوعها بناء على ما تقدم ترجيحه وأما ما نقل عن بعض السلف من كراهة ذلك هو محمول على ما يندر وقوعه وأما ما يمكن وقوعه عادة فيشرع السؤال عنه ليعلم الحديث الخامس (قوله وقال حبيب بن أبي عمرة) هو القصاب الكوفي لا يعرف اسم أبيه وهذا التعليق وصله البزار والدار قطني في الافراد والطبراني في الكبير من رواية أبي بكر بن علي بن عطاء مقدم والد محمد بن أبي بكر المقدمي عن حبيب وفي أوله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد فلما أتوهم وجدوهم تفرقوا وفيهم رجل له مال كثير لم يبرح فقال أشهد أن لا اله إلا الله فهوى إليه المقداد فقتله الحديث وفيه فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا مقداد قتلت رجلا قال لا اله إلا الله فكيف لك بلا اله إلا الله فأنزل الله يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد كان رجلا مؤمنا يخفي ايمانه الخ قال الدارقطني تفرد به حبيب وتفرد به أبو بكر عنه (قلت) قد تابع أبا بكر سفيان الثوري لكنه أرسله أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عنه أخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري كذلك ولفظ وكيع بسنده عن سعيد بن جبير خرج المقداد بن الأسود في سرية فذكر الحديث مختصرا إلى قوله فنزلت ولم يذكر الخبر المعلق وقد تقدمت الإشارة إلى هذه القصة في تفسير سورة النساء وبينت الاختلاف في سبب نزول الآية المذكورة وطريق الجمع ولله الحمد (قوله باب ومن أحياها) في رواية غير أبي ذر باب قوله تعالى ومن أحياها وزاد المستملي والأصيلي فكأنما أحيا الناس جميعا (قوله قال ابن عباس من حرم قتلها إلا بحق فكأنما أحيا الناس جميعا) وصله بن أبي حاتم ومضى بيانه في تفسير سورة المائدة وذكر مغلطاي من طريق وكيع عن سفيان عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس واعترض بأن خصيفا ضعيف وهو اعتراض ساقط لوجوده من غير رواية خصيف والمراد من هذه الآية صدرها وهو قوله الله تعالى من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا وعليه ينطبق أول أحاديث الباب وهو قوله الا كان علي ابن آدم الأول كفل منها وسائرها في تعظيم أمر القتل وهي اثنا عشر حديثا قال ابن بطال فيها تغليظ أمر القتل والمبالغة في الزجر عنه قال واختلف السلف في المراد بقوله قتل الناس جميعا وأحيا الناس جميعا فقالت طائفة معناه تغليظ الوزر والتعظيم في قتل المؤمن أخرجه الطبري عن الحسن ومجاهد وقتادة ولفظ الحسن أن قاتل النفس الواحدة يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعا وقيل معناه أن الناس خصماؤه جميعا وقيل يجب عليه من القود بقتله المؤمن مثل ما يجب عليه لو قتل الناس جميعا لأنه لا يكون عليه غير قتلة واحدة لجميعهم أخرجه الطبري عن زيد بن أسلم واختار الطبري أن المراد بذلك تعظيم العقوبة وشدة الوعيد من حيث أن قتل الواحد وقتل الجميع سواء
(١٦٨)