أن يكون سببا في انتشار خبره في بطانته ومن يستمع لقوله ويصغي إليه وطريقا في معرفتهم مباينة عن سواه في أحواله لينبهوا على محله قال واما ارادته إلقاء نفسه من رؤوس الجبال بعد ما نبئ فلضعف قوته عن تحمل ما حمله من أعباء النبوة وخوفا مما يحصل له من القيام بها من مباينة الخلق جميعا كما يطلب الرجل الراحة من غم يناله في العاجل بما يكون فيه زواله عنه ولو أفضى إلى إهلاك نفسه عاجلا حتى إذا تفكر فيما فيه صبره على ذلك من العقبي المحمودة صبر واستقرت نفسه (قلت) أما الإرادة المذكورة في الزيادة الأولى ففي صريح الخبر أنها كانت حزنا على ما فاته من الامر الذي بشره به ورقة وأما الإرادة الثانية بعد أن تبدى له جبريل وقال له انك رسول الله حقا فيحتمل ما قاله والذي يظهر لي أنه بمعنى الذي قبله وأما المعنى الذي ذكره الإسماعيلي فوقع قبل ذلك في ابتداء مجئ جبريل ويمكن أن يؤخذ مما أخرجه الطبري من طريق النعمان بن راشد عن ابن شهاب فذكر نحو حديث الباب وفيه فقال لي يا محمد أنت رسول الله حقا قال فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق جبل أي من علوه (قوله وقال ابن عباس فالق الاصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل) ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني وكذا للنسفي ولأبي زيد المروزي عن الفربري ووصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله فالق الاصباح يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل وتعقب بعضهم هذا على البخاري فقال انما فسر بن عباس الاصباح ولفظ فالق هو المراد هنا لان البخاري انما ذكره عقب هذا الحديث من أجل ما وقع في حديث عائشة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح فلايراد البخاري وجه وقد تقدم في آخر التفسير قول مجاهد في تفسير قوله قل أعوذ برب الفلق إن الفلق الصبح وأخرج الطبري هنا عنه في قوله فالق الاصباح قال إضاءة الصبح وعلى هذا فالمراد بفلق الصبح إضاءته والفالق اسم فاعل ذلك وقد أخرج الطبري من طريق الضحاك الاصباح خالق النور نور النهار وقال بعض أهل اللغة الفلق شق الشئ وقيده الراغب بإبانة بعضه من بعض ومنه فلق موسى البحر فانفلق ونقل الفراء أن فطر وخلق وفلق بمعنى واحد وقد قيل في قوله تعالى فالق الحب والنوى أن المراد به الشق الذي في الحبة من الحنطة وفي النواة وهذا يرد على تقييد الراغب والاصباح في الأصل مصدر أصبح إذا دخل في الصبح سمي به الصبح قال امرؤ القيس ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي * بصبح وما الاصباح فيك بأمثل (قوله باب رؤيا الصالحين) الإضافة فيه للفاعل لقوله في حديث الباب يراها الرجل الصالح وكأنه جمع إشارة إلى أن المراد بالرجل الجنس (قوله وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين إلى قوله فتحا قريبا) ساقه في رواية كريمة الآية كلها وأخرج الفريابي وعبد بن الحميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال أرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه محلقين قال فلما نحر الهدى بالحديبية قال أصحابه أين رؤياك فنزلت وقوله فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قال النحر بالحديبية فرجعوا ففتحوا خيبر أي المراد بقوله ذلك النحر والمراد بالفتح فتح خيبر قال ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة وقد أخرج
(٣١٨)