ومن معه بالدعاء على الكفار مع قوله تعالى ادعوني استجب لكم وقوله فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا لأنه علم أنه قد سبق القدر بما جرى عليهم من البلوى ليؤجروا عليها كما جرت به عادة الله تعالى في من اتبع الأنبياء فصبروا على الشدة في ذات الله ثم كانت لهم العاقبة بالنصر وجزيل الاجر قال فأما غير الأنبياء فواجب عليهم الدعاء عند كل نازلة لانهم لم يطلعوا على ما اطلع عليه النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ملخصا وليس في الحديث تصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدع لهم بل يحتمل أنه دعا وانما قال قد كان من قبلكم يؤخذ الخ تسلية لهم وإشارة إلى الصبر حتى تنقضي المدة المقدرة والى ذلك الإشارة بقوله في آخر الحديث ولكنكم تستعجلون وقوله في الحديث بالمنشار بنون ساكنة ثم شين معجمة معروف وفي نسخة بياء مثناة من تحت بغير همزة بدل النون وهي لغة فيه وقوله من دون لحمه وعظمه وللأكثر ما بدل من وقوله هو الامر أي الاسلام وتقدم المراد بصنعاء في شرح الحديث قال ابن بطال أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلا فالفعل أولى وقال بعض المالكية بل يأثم ان منع من أكل غيرها فإنه يصير كالمضطر على أكل الميتة إذا خاف على نفسه الموت فلم يأكل (قوله باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره) قال الخطابي استدل أبو عبد الله يعني البخاري بحديث أبي هريرة يعني المذكور في الباب على جواز بيع المكره والحديث ببيع المضطر أشبه فان المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشئ شاء أو أبى واليهود لو لم يبيعوا أرضهم لم يلزموا بذلك ولكن شحوا على أموالهم فاختاروا بيعها فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها كمن رهقه دين فاضطر إلى بيع ماله فيكون جائزا ولو أكره عليه لم يجز قلت لم يقتصر البخاري في الترجمة على المكره وانما قال بيع المكره ونحوه في الحق فدخل في ترجمته المضطر وكأنه أشار إلى الرد على من لا يصحح بيع المضطر وقوله في أخر كلامه ولو أكره عليه لم يجز مردود لأنه إكراه بحق كذا تعقبه الكرماني وتوجيه كلام الخطابي أنه فرض كلامه في المضطر من حيث هو ولم يرد خصوص قصة اليهود وقال ابن المنير ترجم بالحق وغيره ولم يذكر الا الشق الأول ويجاب بأن مراده بالحق الدين وبغيره ما عداه مما يكون بيعه لازما لان اليهود أكرهوا على بيع أموالهم لا لدين عليهم وأجاب الكرماني بأن المراد بالحق الجلاء وبقوله وغيره الجنايات والمراد بقوله الحق الماليات وبقوله غيره الجلاء قلت ويحتمل أن يكون المراد بقوله وغيره الدين فيكون من الخاص بعد العام وإذا صح البيع في الصورة المذكورة وهو سبب غير مالي كالبيع في الدين وهو سبب مالي أولى ثم ذكر حديث أبي هريرة في إخراج اليهود من المدينة وقد تقدم في الجزية في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب وبينت فيه أن اليهود المذكورين لم يسموا ولم ينسبوا وقد أورد مسلم حديث بن عمر في إجلاء بني النضير ثم عقبه بحديث أبي هريرة فأوهم أن اليهود المذكورين في حديث أبي هريرة هم بنو النضير وفيه نظر لان أبا هريرة انما جاء بعد فتح خيبر وكان فتحها بعد إجلاء بني النضير وبني قينقاع وقيل بني قريظة وقد تقدمت قصة بني النضير في المغازي قبل قصة بدر وتقدم قول ابن إسحاق انها كانت بعد بئر معونة وعلى الحالين فهي قبل مجئ أبي هريرة وسياق اخراجهم مخالف لسياق هذه القصة فأنهم لم يكونوا داخل المدينة ولا جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليستعين
(٢٨٢)