به ذلك كان هدرا وللعلماء في ذلك اختلاف وتفصيل معروف وفيه أن من وقع له أمر يأنفه أو يحتشم من نسبته إليه إذا حكاه كنى عن نفسه بأن يقول فعل رجل أو انسان أو نحو ذلك كذا وكذا كما وقع ليعلى في هذه القصة وكما وقع لعائشة حيث قالت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه فقال لها عروة هل هي إلا أنت فتبسمت (قوله باب السن بالسن) قال ابن بطال اجمعوا على قلع السن بالسن في العمد واختلفوا في سائر عظام الجسد فقال مالك فيها القود إلا ما كان مجوفا أو كان كالمأمومة والمنقلة والهاشمة ففيها الدية واحتج بالآية ووجه الدلالة منها أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد على لسان نبينا بغير إنكار وقد دل قوله السن بالسن وعلى إجراء القصاص في العظم لان السن عظم إلا ما أجمعوا على أن لا قصاص فيه إما لخوف ذهاب النفس وإما لعدم الاقتدار على المماثلة فيه وقال الشافعي والليث والحنفية لا قصاص في العظم غير السن لان دون العظم حائلا من جلد ولحم وعصب يتعذر معه المماثلة فلو أمكنت لحكمنا بالقصاص ولكنه لا يصل إلى العظم حتى ينال ما دونه مما لا يعرف قدره وقال الطحاوي اتفقوا على أنه لا قصاص في عظم الرأس فليلتحق بها سائر العظام وتعقب بأنه قياس مع وجود النص فان في حديث الباب أنها كسرت الثنية فأمرت بالقصاص مع أن الكسر لا تطرد فيه المماثلة (قوله حدثنا الأنصاري) هو محمد بن عبد الله وسماه البخاري في روايته عنه هذا الحديث في تفسير سورة البقرة (قوله عن حميد عن أنس) في رواية التفسير حدثنا حميد أن أنسا حدثه (قوله أن ابنة النضر) تقدم في التفسير بهذا السند عن أنس أن الربيع بضم أوله والتشديد عمته وفي تفسير المائدة من رواية الفزاري عن حميد عن أنس كسرت الربيع عمة أنس ولأبي داود من طريق معتمر عن حميد عن أنس كسرت الربيع أخت أنس بن النضر (قوله لطمت جارية فكسرت ثنيتها) وفي رواية الفزاري جارية من الأنصار وفي رواية معتمر امرأة بدل جارية وهو يوضح أن المراد بالجارية المرأة الشابة لا الأمة الرقيقة (قوله فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم) زاد في الصلح ومثله لابن ماجة والنسائي من وجه آخر عن أنس فطلبوا إليهم العفو فأبوا فعرضوا عليهم الأرش فأبوا أي طلب أهل الربيع إلى أهل التي كسرت ثنيتها أن يعفو عن الكسر المذكور مجانا أو على مال فامتنعوا زاد في الصلح فأبوا الا القصاص وفي رواية الفزاري فطلب القوم القصاص فاتوا النبي صلى الله عليه وسلم (قوله فأمر بالقصاص) زاد في الصلح فقال أنس بن النضر إلى آخر ما حكيته قريبا في باب القصاص بين الرجال والنساء وقوله فيه فرضي القوم وعفوا ووقع في رواية الفزاري فرضي القوم فقبلوا الأرش وفي رواية معتمر فرضوا بأرش أخذوه وفي رواية مروان بن معاوية عن حميد عند الإسماعيلي فرضي أهل المرأة بأرش أخذوه فعفوا فعرف أن قوله فعفوا أي على الدية زاد معتمر فعجب النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره أي لابر قسمه ووقع في رواية خالد الطحان عن حميد عن أنس في هذا الحديث عند ابن أبي عاصم كم من رجل لو أقسم على الله لابره ووجه تعجبه أن أنس بن النضر أقسم على نفي فعل غيره مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك الفعل فكان قضية ذلك في العادة أن يحنث في يمينه فألهم الله الغير العفو فبر قسم أنس وأشار بقوله ان من عباد الله إلى أن هذا الاتفاق انما وقع
(١٩٧)