في حديث عائشة وعمر ويعلى بن أمية وغيرهم وهي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير الموت فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي ولما كان البرزخ العام ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال خص الله نبيه ببرزخ في الحياة يلقى إليه فيه وحيه المشتمل على كثير من الاسرار وقد يقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم أو غيره اطلاع على كثير من الاسرار وذلك مستمد من المقام النبوي ويشهد له حديث رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كما سيأتي الالمام به قريبا قال السهيلي تأويل الغلطات الثلاثة على ما في رواية ابن إسحاق أنها كانت في النوم أنه سيقع له ثلاث شدائد يبتلى بها ثم يأتي الفرج وكذلك كان فإنه لقي ومن تبعه شدة أولى بالشعب لما حصرتهم قريش والثانية لما خرجوا وتوعدوهم بالقتل حتى فروا إلى الحبشة وثالثة لما هموا بما هموا به من المكر به كما قال تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك الآية فكانت له العاقبة في الشدائد الثلاثة وقال شيخنا البلقيني ما ملخصه وهذه المناسبة حسنة ولا يتعين للنوم بل تكون بطريق الإشارة في اليقظة قال ويمكن أن تكون المناسبة أن الامر الذي جاءه به ثقيل من حيث القول والعمل والنية أو من جهة التوحيد والاحكام والاخبار بالغيب الماضي والآني وأشار بالارسالات الثلاث إلى حصول التيسير والتسهيل والتخفيف في الدنيا والبرزخ والآخرة عليه وعلى أمته (قوله فرجع بها) أي رجع مصاحبا للآيات الخمس المذكورة (قوله ترجف بوادره) تقدم في بدء الوحي بلفظ فؤاده قال شيخنا الحكمة في العدول عن القلب إلى الفؤاد أن الفؤاد وعاء القلب على ما قاله بعض أهل اللغة فإذا حصل للوعاء الرجفان حصل لما فيه فيكون في ذكره من تعظيم الامر ما ليس في ذكر القلب وأما بوادره فالمراد بها اللحمة التي بين المنكب والعنق جرت العادة بأنها تضطرب عند الفزع وعلى ذلك جرى الجوهري أن اللحمة المذكورة سميت بلفظ الجمع وتعقبه ابن بري فقال البوادر جمع بادرة وهي ما بين المنكب والعنق يعني أنه لا يختص بعضو واحد وهو جيد فيكون إسناد الرجفان إلى القلب لكونه محله والى البوادر لأنها مظهره وأما قول الداودي البوادر والفؤاد واحد فان أراد أن مفادهما واحد على ما قررناه وإلا فهو مردود (قوله قال قد خشيت علي) بالتشديد وفي رواية الكشميهني على نفسي (قوله فقالت له كلا أبشر) قال النووي تبعا لغيره كلا كلمة نفي وإبعاد وقد تأتي بمعنى حقا وبمعنى الاستفتاح وقال القزاز هي هنا بمعنى الرد لما خشي على نفسه أي لا خشية عليك ويؤيده ان في رواية أبي ميسرة فقالت معاذ الله ومن اللطائف أن هذه الكلمة التي ابتدأت خديجة النطق بها عقب ما ذكر لها النبي صلى الله عليه وسلم من القصة التي وقعت له هي التي وقعت عقب الآيات الخمس من سورة اقرا في نسق التلاوة فجرت على لسانها اتفاقا لأنها لم تكن نزلت بعد وانما نزلت في قصة أبي جهل وهذا هو المشهور عند المفسرين وقد ذهب بعضهم إلى أنها تتعلق بالانسان المذكور قيل لان المعرفة إذا أعيدت معرفة فهي عين الأولى وقد أعيد الانسان هنا كذلك فكان التقدير كلا لا يعلم الانسان ان الله هو خلقه وعلمه أن الانسان ليطغى وأما قولها هنا أبشر فلم يقع في حديث عائشة تعيين المبشر به ووقع في دلائل البيهقي من طريق أبي ميسرة مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم قص على خديجة ما رأى في المنام فقالت له أبشر فان الله لن يصنع بك الا خيرا ثم اخبرها بما وقع له من شق البطن وإعادته فقالت له أبشر ان هذا والله
(٣١٥)