الكشميهني في حديث إسحاق بن نصر فأوحى الله إلي وهذا الوحي يحتمل أن يكون من وحي الالهام أو على لسان الملك قاله القرطبي (قوله فنفختهما) زاد إسحاق بن نصر فذهبا وفي رواية ابن عباس الماضية قريبا فطارا وكذا في رواية المقبري وزاد فوقع واحد باليمامة والآخر باليمن وفي ذلك إشارة إلى حقارة أمرهما لان شأن الذي ينفخ فيذهب بالنفخ أن يكون في غاية الحقارة ورده ابن العربي بان أمرهما كان في غاية الشدة ولم ينزل بالمسلمين قبله مثله (قلت) وهو كذلك لكن الإشارة انما هي للحقارة المعنوية لا الحسية وفي طيرانهما إشارة إلى اضمحلال أمرهما كما تقدم (قوله فأولتهما الكذابين) قال القاضي عياض لما كان رؤيا السوارين في اليدين جميعا من الجهتين وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ بينهما فتأول السوارين عليهما لوضعهما في غير موضعهما لأنه ليس من حلية الرجال وكذلك الكذاب يضع الخبر في غير موضعه وفي كونهما من ذهب إشعار بذهاب أمرهما وقال ابن العربي السوار من حلى الملوك الكفار كما قال الله تعالى فلولا ألقى عليه أساورة من ذهب واليد لها معان منها القوة والسلطان والقهر قال ويحتمل أن يكون ضرب المثل بالسوار كناية عن الأسوار وهو من أسامي ملوك الفرس قال وكثيرا ما يضرب المثل بحذف بعض الحروف (قلت) وقد ثبت بزيادة الألف في بعض طرقه كما بينته وقال القرطبي في المفهم ما ملخصه مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعاء وأهل اليمامة كانوا أسلموا فكانوا كالساعدين للاسلام فلما ظهر فيهما الكذابان وبهرجا على أهلهما بزخرف أقوالهما ودعواهما الباطلة انخدع أكثرهم بذلك فكان اليدان بمنزلة البلدان والسواران بمنزلة الكذابين وكونهما من ذهب إشارة إلى ما زخرفاه والزخرف من أسماء الذهب (قوله اللذين أنا بينهما) ظاهر في أنهما كانا حين قص والرؤيا موجودين وهو كذلك لكن وقع في رواية ابن عباس يخرجان بعدي والجمع بينهما أن المراد بخروجهما بعده ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة نقله النووي عن العلماء وفيه نظر لان ذلك كله ظهر للأسود بصنعاء في حياته صلى الله عليه وسلم فأدعي النبوة وعظمت شوكته وحارب المسلمين وفتك فيهم وغلب على البلد وآل أمره إلى أن قتل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما قدمت ذلك واضحا في أواخر المغازي وأما مسيلمة فكان أدعى النبوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم تعظم شوكته ولم تقع محاربته إلا في عهد أبي بكر فأما أن يحمل ذلك على التغليب وإما أن يكون المراد بقوله بعدي أي بعد نبوتي قال ابن العربي يحتمل أن يكون ما تأوله النبي صلى الله عليه وسلم في السوارين بوحي ويحتمل أن يكون تفاءل بذلك عليهما دفعا لحالهما فأخرج المنام المذكور عليهما لان الرؤيا إذا عبرت وقعت والله أعلم (تنبيه) أخرج ابن أبي شيبة من مرسل الحسن رفعه رأيت كأن في يدي سوارين من ذهب فكرهتهما فذهبا كسرى وقيصر وهذا إن كان الحسن أخذه عن ثبت فظاهره يعارض التفسير بمسيلمة والأسود فيحتمل أن يكون تعددا والتفسير من قبله بحسب ما ظنه أدرج في الخبر فالمعتمد ما ثبت مرفوعا أنهما مسيلمة والأسود (قوله باب إذا رأى أنه أخرج الشئ من كوة وأسكنه موضعا آخر) واختلف في ضبطه كوة فوقع في رواية لأبي ذر بضم الكاف وتشديد الواو المفتوحة ووقع للباقين بتخفيف الواو وسكونها بعدها راء وهو المعتمد والكورة الناحية قال الخليل في العين الكور الرحل بالحاء المهملة الساكنة كذا اقتصر عليه ابن بطال وقال
(٣٧٢)