قال نعم (قوله ذنبك أو قال حدك) في رواية مسلم عن الحسن بن علي الحلواني عن عمرو بن عاصم بسنده فيه قد غفر لك وفي حديث أبي أمامة بالشك ولفظه فان الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك وقد اختلف نظر العلماء في هذا الحكم فظاهر ترجمة البخاري حمله على من أقر بحد ولم يفسره فإنه لا يجب على الامام ان يقيمه إذا تاب وحمله الخطابي على أنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أطلع بالوحي على أن الله قد غفر له لكونها واقعة عين وإلا لكان يستفسره عن الحد ويقيمه عليه وقال أيضا في هذا الحديث إنه لا يكشف عن الحدود بل يدفع مهما أمكن وهذا الرجل لم يفصح بأمر يلزمه به إقامة الحد عليه فلعله أصاب صغيرة ظنها كبيرة توجب الحد فلم يكشفه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لان موجب الحد لا يثبت بالاحتمال وإنما لم يستفسره إما لان ذلك قد يدخل في التجسيس المنهي عنه وإما إيثارا للستر ورأى أن في تعرضه لإقامة الحد عليه ندما ورجوعا وقد استحب العلماء تلقين من أقر بموجب الحد بالرجوع عنه إما بالتعريض وإما بأوضح منه ليدرأ عنه الحد وجزم النووي وجماعة أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر بدليل أن في بقية الخبر أنه كفرته الصلاة بناء على أن الذي تكفره الصلاة من الذنوب الصغائر لا الكبائر وهذا هو الأكثر الأغلب وقد تكفر الصلاة بعض الكبائر كمن كثر تطوعه مثلا بحيث صلح لان يكفر عددا كثيرا من الصغائر ولم يكن عليه من الصغائر شئ أصلا أو شئ يسير وعليه كبيرة واحدة مثلا فإنها تكفر عنه ذلك لان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا (قلت) وقد وقع في رواية أبي بكر البرزنجي عن محمد بن عبد الملك الواسطي عن عمرو بن عاصم بسند حديث الباب بلفظ ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني زنيت فأقم علي الحد الحديث فحمله بعض العلماء على أنه ظن ما ليس زنا زنا فلذلك كفرت ذنبه الصلاة وقد يتمسك به من قال إنه إذا جاء تائبا سقط عنه الحد ويحتمل أن يكون الراوي عبر بالزنا من قوله أصبت حدا فرواه بالمعنى الذي ظنه والأصل ما في الصحيح فهو الذي اتفق عليه الحفاظ عن عمرو بن عاصم بسنده المذكور ويحتمل أن يختص ذلك المذكور لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد كفر عنه حده بصلاته فان ذلك لا يعرف إلا بطريق الوحي فلا يستمر الحكم في غيره الا في من علم أنه مثله في ذلك وقد انقطع علم ذلك بانقطاع الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد تمسك بظاهره صاحب الهدى فقال للناس في حديث أبي أمامة يعني المذكور قبل ثلاث مسالك أحدها أن الحد لا يجب إلا بعد تعيينه والإصرار عليه من المقر به والثاني أن ذلك يختص بالرجل المذكور في القصة والثالث أن الحد يسقط بالتوبة قال وهذا أصح المسالك وقواه بأن الحسنة التي جاء بها من اعترافه طوعا بخشية الله وحده تقاوم السيئة التي عملها لان حكمة الحدود الردع عن العود وصنيعه ذلك دال على ارتداعه فناسب رفع الحد عنه لذلك والله أعلم (قوله باب هل يقول الامام للمقر) أي بالزنا (لعلك لمست أو غمزت) هذه الترجمة معقودة لجواز تلقين الامام المقر بالحد ما يدفعه عنه وقد خصه بعضهم بمن يظن به أنه أخطأ أو جهل (قوله سمعت يعلى بن حكيم) في رواية موسى بن إسماعيل عند أبي داود عن جرير بن حازم حدثني يعلى ولم يسمي أباه في روايته فظن بعضهم أنه ابن مسلم وليس كذلك للتصريح في إسناد هذا الباب ابن حكيم (قوله عن ابن عباس) لم يذكره موسى في روايته بل أرسله وأشار إلى ذلك أبو داود وكأن البخاري
(١١٩)