زمانه واللام في النبوة للعهد والمراد نبوته والمعنى لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات ثم فسرها بالرؤيا وصرح به في حديث عائشة عند أحمد بلفظ لم يبق بعدي وقد جاء في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك في مرض موته أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه والناس صفوف خلف أبي بكر فقال يا أيها الناس أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له الحديث وللنسائي من رواية زفر بن صعصعة عن أبي هريرة رفعه أنه ليس يبق بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة وهذا يؤيد التأويل الأول وظاهر الاستثناء مع تقدم من أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة أن الرؤيا نبوة وليس كذلك لما تقدم أن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة أو لان جزء الشئ لا يستلزم ثبوت وصفه له كمن قال أشهد أن لا إله إلا الله رافعا صوته لا يسمى مؤذنا ولا يقال أنه أذن وإن كانت جزءا من الاذان وكذا لو أقر شيئا من القرآن وهو قائم لا يسمى مصليا وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة ويؤيده حديث أم كرز بضم الكاف وسكون الراء بعدها زاي الكعبية قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذهبت النبوة وبقيت المبشرات أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان ولأحمد عن عائشة مرفوعا لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا وله وللطبراني من حديث حذيفة بن أسيد مرفوعا ذهبت النبوة وبقيت المبشرات ولأبي يعلى من حديث أنس رفعه أن الرسالة والنبوة قد انقطعت ولا نبي ولا رسول بعدي ولكن بقيت المبشرات قالوا وما المبشرات قال رؤيا المسلمين جزء من أجزاء النبوة قال المهلب ما حاصله بالتعبير بالمبشرات خرج للأغلب فان من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه قال بن التين معنى الحديث أن الوحي ينقط بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ويرد عليه الالهام فان فيه أخبارا بما سيكون وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ويقع لغير الأنبياء كما في الحديث الماضي في مناقب عمر قد كان فيمن مضى من الأمم محدثون وفسر المحدث بفتح الدال بالملهم بالفتح أيضا وقد أخبر كثير من الأولياء عن أمور مغيبة فكانت كما أخبروا والجواب أن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين بخلاف الالهام فإنه مختص بالبعض ومع كونه مختصا فإنه نادر فإنما ذكر المنام لشموله وكثرة وقوعه ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فان يكن وكان السر في ندور الالهام في زمنه وكثرته من بعده غلب الوحي إليه صلى الله عليه وسلم في اليقظة وأراد إظهار المعجزات منه فكان المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شئ فلما انقطع الوحي بموته وقع الالهام لمن اختصه الله به للأمن من اللبس في ذلك وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة ممن أنكره يجتبيك (قوله باب رؤيا يوسف عليه السلام) كذا لهم ووقع للنسفي يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن وقوله عز وجل إذ قال يوسف لأبيه فساق إلى ساجدين ثم قال إلى قوله عليم حكيم كذا لأبي ذر والنسفي وساق في رواية كريمة الآيات كلها (قوله وقوله تعالى يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا إلى قوله وألحقني بالصالحين) كذا لأبي ذر والنسفي أيضا وساق في رواية كريمة الآيتين والمراد أن معنى قوله تأويل رؤياي أي التي تقدم ذكرها وهي رؤيا الكواكب والشمس
(٣٣٢)