الثانية مع أن الأخت فيها ورثت مع البنت والحكمة فيها أن الأولى عبر فيها بقوله تعالى وإن كان رجل يورث فإن مقتضاه الإحاطة بجميع المال فأغنى لفظ يورث عن القيد ومثله قوله تعالى وهو يرثها ان لم يكن لها ولد أي يحيط بميراثها وأما الآية الثانية فالمراد بالولد فيها الذكر كما تقدم تقريره ولم يعبر فيها بلفظ يورث فلذلك ورثت الأخت مع البنت وقال ابن المنير الاستدلال بآية الكلالة على أن الأخوات عصبة لطيف جدا وهو أن العرف في آيات الفرائض قد اطرد على أن الشرط المذكور فيها هو لمقدار الفرض لا لأصل الميراث فيفهم أنه إذا لم يوجد الشرط أن يتغير قدر الميراث فمن ذلك قوله ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فتغير القدر ولم يتغير أصل الميراث وكذا في الزوج وفي الزوجة فقياس ذلك أن يطرد في الأخت فلها النصف ان لم يكن ولد فإن كان ولد تغير القدر ولم يتغير أصل الإرث وليس هناك قدر يتغير إليه الا التعصيب ولا يلزم من ذلك أن ترث الأخت مع الابن لأنه خرج بالاجماع فيبقى ما عداه على الأصل والله أعلم وقد تقدم الكلام في آخر ما نزل من القرآن في آخر تفسير سورة البقرة وقال الكرماني اختلف في تعيين آخر ما نزل فقال البراء هنا خاتمة سورة النساء وقال ابن عباس كما تقدم في آخر سورة البقرة آية الربا وهذا اختلاف بين الصحابيين ولم ينقل واحد منهما ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحمل على أن كلا منهما قال بظنه وتعقب بان الجمع أولى كما تقدم بيانه هناك (قوله باب ابني عم أحدهما أخ للام والآخر زوج) صورتها أن رجلا تزوج امرأة فأتت منه بابن ثم تزوج أخرى فأتت منه بآخر ثم فارق الثانية فتزوجها أخوه فأتت منه ببنت فهي أخت الثاني لامه وابنة عمه فتزوجت هذه البنت الابن الأول وهو ابن عمها ثم ماتت عن ابني عمها (قوله وقال علي للزوج النصف وللأخ من الام السدس وما بقي بينهما نصفان) وحاصله أن الزوج يعطي النصف لكونه زوجا ويعطي الآخر السدس لكونه أخا من أم فيبقى الثلث فيقسم بينهما بطريق العصوبة فيصبح للأول الثلثان بالفرض والتعصيب وللآخر الثلث بالفرض والتعصيب وهذا الأثر وصله عن علي رضي الله عنه سعيد بن منصور من طريق حكيم بن غفال قال أتى شريح في امرأة تركت ابني عمها أحدهما زوجها والآخر أخوها لامها فجعل للزوج النصف والباقي للأخ من الام فأتوا عليا فذكروا له ذلك فأرسل إلى شريح فقال ما قضيت أبكتاب الله أو سنة من رسول الله فقال بكتاب الله قال أين قال وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله قال فهل قال للزوج النصف وللأخ ما بقى ثم أعطى الزوج النصف وللأخ من الام السدس ثم قسم ما بقى بينهما وأخرج يزيد بن هارون والدارمي من طريق الحارث قال أتى علي في ابني عم أحدهما أخ لام فقيل له ان عبد الله كان يعطي الأخ للام المال كله فقال يرحمه الله إن كان لفقيها ولو كنت أنا لأعطيت الأخ من الام السدس ثم قسمت ما بقى بينهما قال ابن بطال وافق عليا زيد بن ثابت والجمهور وقال عمر وابن مسعود جميع المال يعني الذي يبقى بعد نصيب الزوج للذي جمع القرابتين فله السدس بالفرض والثلث الباقي بالتعصيب وهو قول الحسن وأبي ثور وأهل الظاهر واحتجوا بالاجماع في أخوين أحدهما شقيق والآخر لأب أن الشقيق يستوعب المال لكونه أقرب بأم وحجة الجمهور ما أشار إليه البخاري في حديث أبي هريرة الذي أورده في الباب بلفظ فمن مات وترك مالا فماله لموالي العصبة
(٢٢)