على مساعدة من تكرر منه الزنا لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا قال وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له من الأمة فلا يستقل به وقد ثبت النهي عن إضاعة المال فكيف يجب بيع الأمة ذات القيمة بحبل من شعر لا قيمة له فدل على أن المراد الزجر عن معاشرة من تكرر منه ذلك وتعقب بأنه لا دلالة فيه على بيع الثمين بالحقير وإن كان بعضهم قد استدل به على جواز بيع المطلق التصرف ماله بدون قيمته ولو كان بما يتغابن بمثله إلا أن قوله ولو بحبل من شعر لا يراد به ظاهره وانما ذكر المبالغة كما وقع في حديث من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة على أحد الأجوبة لان قدر المفحص لا يسع أن يكون مسجدا حقيقة فلو وقع ذلك في عين مملوكة للمحجور فلا يبيعها وليه إلا بالقيمة ويحتمل أن يطرد لان عيب الزنا تنقص به القيمة عند كل أحد فيكون بيعها بالنقصان بيعا بثمن المثل نبه عليه القاضي عياض ومن تبعه وقال ابن العربي المراد من الحديث الاسراع بالبيع وامضاؤه ولا يتربص به طلب الراغب في الزيادة وليس المراد بيعه بقيمة الحبل حقيقة وفيه أنه يجب على البائع أن يعلم المشتري بعيب السلعة لان قيمتها انما تنقص مع العلم بالعيب حكاه ابن دقيق العيد وتعقبه بأن العيب لو لم يعلم تنقص القيمة فلا يتوقف على الاعلام واستشكل الامر ببيع الرقيق إذا زنى مع أن كل مؤمن مأمور أن يرى لأخيه ما يرى لنفسه ومن لازم البيع أن يوافق أخاه المؤمن على أن يقتني ما لا يرضى اقتناءه لنفسه وأجيب بأن السبب الذي باعه لأجله ليس محقق الوقوع عند المشتري لجواز أن يرتدع الرقيق إذا علم أنه متى عاد أخرج فان الاخراج من الوطن المألوف شاق ولجواز أن يقع الاعفاف عند المشتري بنفسه أو بغيره قال ابن العربي يرجى عند تبديل المحل تبديل الحال ومن المعلوم أن للمجاورة تأثير في الطاعة وفي المعصية قال النووي وفيه أن الزاني إذا حد ثم زنى لزمه حد آخر ثم كذلك أبدا فإذا زنى مرات ولم يحد فلا يلزمه إلا حد واحد (قلت) من قوله فإذا زنى ابتداء كلام قاله لتكميل الفائدة وإلا فليس في الحديث ما يدل عليه اثباتا ولا نفيا بخلاف الشق الأول فإنه ظاهر وفيه إشارة إلى أن العقوبة في التعزيرات إذا لم يفد مقصودها من الزجر لا يفعل لان إقامة الحد واجبة فلما تكرر ذلك ولم يفد عدل إلى ترك شرط إقامته على السيد وهو الملك ولذلك قال بيعوها ولم يقل اجلدوها كلما زنت ذكره ابن دقيق العيد وقال قد تعرض إمام الحرمين لشئ من ذلك فقال إذا علم المعزر أن التأديب لا يحصل إلا في الضرب المبرح فليتركه لان المبرح يهلك وليس له الاهلاك وغير المبرح لا يفيد قال الرافعي وهو مبني على أن الامام لا يجب عليه تعزير من يستحق التعزير فان قلنا يجب التحق بالحد فليعزره بغير المبرح وإن لم ينزجر وفيه أن السيد يقيم الحد على عبده وإن لم يستأذن السلطان وسيأتي البحث فيه بعد ثلاثة أبواب (قوله باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى) أما التثريب بمثناة ثم مثلثة ثم موحدة فهو التعنيف وزنه ومعناه وقد جاء بلفظ ولا يعنفها في رواية عبيد الله العمري عن سعيد المقبري عند النسائي وأما النفي فاستنبطوه من قوله فليبعها لان المقصود من النفي الابعاد عن الوطن الذي وقعت فيه المعصية وهو حاصل بالبيع وقال بن بطال وجه الدلالة أنه قال فليجلدها وقال فليبعها فدل على سقوط النفي لان الذي ينفى لا يقدر على تسليمه الا بعد مدة فأشبه الآبق (قلت) وفيه نظر لجواز أن يتسلمه المشتري مسلوب المنفعة مدة النفي أو يتفق بيعه لمن يتوجه إلى المكان
(١٤٦)