الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما وعند الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ من مسيرة مائة عام وفي الطبراني عن أبي بكرة خمسمائة عام ووقع في الموطأ في حديث آخر أن ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير من حديث أبي هريرة وفي حديث لجابر ذكره صاحب الفردوس إن ريح الجنة يدرك من مسيرة ألف عام وهذا اختلاف شديد وقد تكلم ابن بطال على ذلك فقال الأربعون هي الأشد فمن بلغها زاد عمله ويقينه وندمه فكأنه وجد ريح الجنة على تبعثه على الطاعة قال والسبعون آخر المعترك ويعرض عندها الندم وخشية هجوم الاجل فتزداد الطاعة بتوفيق الله فيجد ريحها من المدة المذكورة وذكر في الخمسمائة كلاما متكلفا حاصله أنها مدة الفترة التي بين كل نبي ونبي فمن جاء في آخرها وأمن بالنبيين يكون أفضل من غيره فيجد ريح الجنة وقال الكرماني يحتمل أن لا يكون العدد بخصوصه مقصودا بل المقصود المبالغة في التكثير ولهذا خص الأربعين والسبعين لان الأربعين يشتمل على جميع أنواع العدد لان فيه الآحاد وأحاده عشرة والمائة عشرات والألف مئات والسبع عدد فوق العدد الكامل وهو ستة إذ أجزاؤه بقدره وهي النصف والثلث والسدس بغير زيادة ولا نقصان وأما الخمسمائة فهي بعد ما بين السماء والأرض (قلت) والذي يظهر لي في الجمع أن يقال إن الأربعين أقل زمن يدرك به ريح الجنة من في الموقف والسبعين فوق ذلك أو ذكرت للمبالغة والخمسمائة ثم الألف أكثر من ذلك ويختلف ذلك باختلاف الاشخاص والأعمال فمن أدركه من المسافة البعدى أفضل ممن أدركه من المسافة القربى وبين ذلك وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرح الترمذي فقال الجمع بين هذه الروايات أن ذلك يختلف باختلاف الاشخاص بتفاوت منازلهم ودرجاتهم ثم رأيت نحوه في كلام ابن العربي فقال ريح الجنة لا يدرك بطبيعة ولا عادة انما يدرك بما يخلق الله من إدراكه فتارة يدركه من شاء الله من مسيرة سبعين وتارة من مسيرة خمسمائة ونقل ابن بطال أن المهلب احتج بهذا الحديث على أن المسلم إذا قتل الذمي أو المعاهد لا يقتل به للاقتصار في أمره على الوعيد الأخروي دون الدنيوي وسيأتي البحث في هذا الحكم في الباب الذي بعده (قوله باب لا يقتل المسلم بالكافر) عقب هذه الترجمة بالتي قبلها للإشارة إلى أنه لا يلزم من الوعيد الشديد على قتل الذمي أن يقتص من المسلم إذا قتله عمدا وللإشارة إلى أن المسلم إذا كان لا يقتل بالكافر فليس له قتل كل كافر بل يحرم عليه قتل الذمي والمعاهد بغير استحقاق (قوله حدثنا صدقة بن الفضل) ثبت في بعض النسخ هنا حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مطرف أن عامرا حدثهم عن أبي جحيفة ح وحدثنا صدقة بن الفضل الخ والصواب ما عند الأكثر وطريق أحمد بن يونس تقدمت في الجزية (قوله مطرف) بمهملة وتشديد الراء هو ابن طريف بوزن عظيم كوفي مشهور (قوله سألت عليا) تقدم في كتاب العلم بيان سبب هذا السؤال وهذا السياق أخصر من سياقه في كتاب العلم من وجه آخر عن مطرف قال أحمد عن سفيان ابن عيينة بهذا السند هل عندكم شئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير القرآن ولم يتردد فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة فذكره وقد تقدم من وجه آخر عن مطرف في العلم وغيره مع شرح الحديث
(٢٣٠)