فيه بلفظ ان النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل شرب الخمر نضربه بجريدتين نحوا من أربعين ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فقال له عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون ففعله عمر ولفظ رواية خالة التي ذكرتها إلى قوله نحو من أربعين وأخرجه مسلم والنسائي أيضا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة مثل رواية آدم إلا أنه قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر أي في خلافته استشار الناس فقال عبد الرحمن يعني ابن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر ووقع لبعض رواة مسلم أخف الحدود ثمانين قال ابن دقيق العيد فيه حذف عامل النصب جعله وتعقبه الفاكهي فقال هذا بعيد أو باطل وكأنه صدر عن غير تأمل لقواعد العربية ولا لمراد المتكلم إذ لا يجوز أجود الناس الزيدين على تقدير اجعلهم لان مراد عبد الرحمن الاخبار بأخف الحدود لا الامر بذلك فالذي يظهر أن راوي النصب وهم واحتمال توهيمه أولى من ارتكاب ما لا يجوز لفظا ولا معنى ورد عليه تلميذه ابن مرزوق بأن عبد الرحمن مستشار والمستشار مسؤول والمستشير سائل ولا يبعد أن يكون المستشار آمرا قال والمثال الذي مثل به غير مطابق قلت بل هو مطابق لما ادعاه أن عبد الرحمن قصد الاخبار فقط والحق أنه أخبر برأيه مستندا إلى قياس وأقرب التقادير أخف الحدود أجده ثمانين أو أجد أخف الحدود ثمانين فنصبهما وأعرب ابن العطار صاحب النووي في شرح العمدة فنقل عن بعض العلماء أنه ذكره بلفظ أخف الحدود ثمانون بالرفع وأعربه مبتدأ وخبرا قال ولا أعلمه منقولا رواية كذا قال والرواية بذلك ثابتة والأولى في توجيهها ما أخرجه مسلم أيضا من طريق معاذ بن هشام عن أبيه جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمرو دنى الناس من الريف والقرى قال ما ترون في جلد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف أرى أن تجعلها كأخف الحدود قال فجلد عمر ثمانين فيكون المحذوف من هذه الرواية المختصرة أرى أن تجعلها وأداة التشبيه وأخرج النسائي من طريق يزيد بن هارون عن شعبة فضربه بالنعال نحوا من أربعين ثم أتى به أبو بكر فصنع به مثل ذلك ورواه همام عن قتادة بلفظ فأمر قريبا من عشرين رجلا فجلده كل رجل جلدتين بالجريد والنعال أخرجه أحمد والبيهقي وهذا يجمع بين ما اختلف فيه على شعبة وأن جملة الضربات كانت نحو أربعين لا إنه جلده بجريدتين أربعين فتكون الجملة ثمانين كما أجاب به بعض الناس رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ جلد بالجريد والنعال أربعين علقه أبو داود بسند صحيح ووصله البيهقي وكذا أخرجه مسلم من طريق وكيع عن هشام بلفظ كان يضرب في الخمر مثله وقد نسب صاحب العمدة قصة عبد الرحمن هذه إلى تخريج الصحيحين ولم يخرج البخاري منها شيئا وبذلك جزم عبد الحق في الجمع ثم المنذري نعم ذكر معنى صنيع عمر فقط في حديث السائب في الباب الثالث وسيأتي بسط ذلك تنبيه الرجل المذكور لم أنف على اسمه صريحا لكن سأذكر في باب ما يكرهه من لعن الشارب ما يؤخذ منه أنه النعيمان (قوله باب من أمر ضرب الحد في البيت) يعني خلافا لمن قال لا يضرب الحد سرا وقد ورد عن عمر في قصة ولد أبي شحمة لما شرب بمصر فحده عمرو بن العاص في البيت أن عمر أنكر عليه وأحضره إلى المدينة وضربه الحد جهرا روى ذلك ابن سعد وأشار إليه الزبير وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر مطولا وجمهور أهل العلم على الاكتفاء وحملوا صنيع عمر على
(٥٥)