ويؤخذ منها أيضا التعقب على المحب الطبري حيث قال حمل البخاري قول حذيفة غفر الله لكم على العفو عن الضمان وليس بصريح فيجاب بأن البخاري أشار بهذا الذي هو غير صريح إلى ما ورد صريحا وإن كان ليس على شرطه فإنه يؤيد ما ذهب إليه (قوله باب قول الله تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) كذا لأبي ذر وابن عساكر وساق الباقون الآية إلى عليما حكيما ولم يذكر معظمهم في هذا الباب حديثا (قوله وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) ذكر ابن إسحاق في السيرة سبب نزولها عن عبد الرحمن بن الحرث بن عبد الله بن عياش بتحتانية وشين معجمة أي ابن ربيعة المخزومي قال قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق نزلت هذه الآية في جدك عياش بن أبي ربيعة والحرث بن يزيد من بني عامر بن لؤي وكان يؤذيهم بمكة وهو كافر فلما هاجر المسلمون أسلم الحرث وأقبل مهاجرا حتى إذا كان بظاهر الحرة لقيه عياش بن أبي ربيعة فظنه على شركه فعلاه بالسيف حتى قتله فنزلت روى هذه القصة أبو يعلى من طريق حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحرث عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه فذكرها مرسلة أيضا وزاد في السند عبد الرحمن بن القاسم وأخرج ابن أبي حاتم في التفسير من طريق سعيد بن جبير أن عياش بن أبي ربيعة حلف ليقتلن الحرث بن يزيد إن ظفر به فذكر نحوه ومن طريق مجاهد نحوه لكن لم يسم الحرث وفي سياقه ما يدل على أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم ثم خرج فقتله عياش بن أبي ربيعة وقيل في سبب نزولها غير ذلك مما لا يثبت (قوله إلا خطأ) وهو استثناء منقطع عند الجمهور إن أريد بالنفي معناه فإنه لو قدر متصلا لكان مفهومه فله قتله وانفصل من قال أنه متصل بأن المراد بالنفي التحريم ومعنى إلا خطأ بان عرفه بالكفر فقتله ثم ظهر أنه كان مؤمنا وقيل نصب على أنه مفعول له أي لا يقتله لشئ أصلا إلا للخطأ أو حال أي إلا في حال الخطأ أو هو نعت مصدر محذوف أي إلا قتلا خطأ وقيل إلا هنا بمعنى الواو وجوزه جماعة وقيده الفراء بشرط مفقود هنا فلذلك لم يجزه هنا واستدل بهذه الآية على أن القصاص من المسلم مختص بقتله المسلم فلو قتل كافرا لم يجب عليه شئ سواء كان حربيا أو غير حربي لان الآيات بينت أحكام عمدا ثم خطأ فقال في الحربي فان تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ثم قال فيمن لهم ميثاق فما جعل الله لكم عليهم سبيلا وقال فيمن عاود المحاربة فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وقال في الخطأ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ فكان مفهومها أن له أن يقتل الكافر عمدا فخرج الذمي بما ذكر قبلها وجعل في قتل المؤمن خطأ الدية والكفارة ولم يذكر ذلك في قتل الكافر فتمسك به من قال لا يجب في قتل الكافر ولو كان ذميا شئ وأيده بقوله ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وإسحاق في أول السند قال أبو علي الجياني لم أجد منسوبا ويشبه أن يكون ابن منصور (قلت) ولا يبعد أن يكون ابن راهويه فإنه كثير الرواية عن حبان بن هلال شيخ إسحاق هنا (قوله باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به) كذا لهم وأما النسفي فعطف بدون باب فقال بعد قوله خطأ الآية وإذا أقر الخ وذكروا كلهم حديث أنس في قصة اليهودي والجارية ويحتاج إلى مناسبته للآية فإنه لا يظهر أصلا فالصواب صنيع الجماعة قال بن المنذر حكم الله في المؤمن يقتل المؤمن خطأ بالدية وأجمع أهل العلم على ذلك ثم اختلفوا في قوله وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فقيل المراد
(١٨٧)