أنه عذر بالجليل فلا عذر له بالحقير وأما الحبل فأكثر ما يستعمل في التحقير كقولهم ما ترك فلان عقالا ولا ذهب من فلان عقال فكان المراد أنه إذا اعتاد السرقة لم يتمالك مع غلبة العادة التمييز بين الجليل والحقير وأيضا فالعار الذي يلزمه بالقطع لا يساوي ما حصل له ولو كان جليلا والى هذا أشار القاضي عبد الوهاب بقوله صيانة العضو أغلاها وأرخصها * صيانة المال فافهم حكمة الباري ورد بذلك على قول المعري يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار وسيأتي مزيد لهذا في باب السرقة إن شاء الله تعالى (قوله باب الحدود كفارة) (قوله حدثنا محمد بن يوسف) لم أره منسوبا ويحتمل أن يكون هو البيكندي ويحتمل أن يكون الفريابي وبه جزم أبو نعيم في المستخرج وابن عيينة هو سفيان (قوله عن الزهري) في رواية الحميدي عن سفيان بن عيينة سمعت الزهري أخرجه أبو نعيم وذكر حديث عبادة بن الصامت وفيه ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة وقد تقدم أن عند مسلم من وجه آخر ومن أتى منكم حدا ولأحمد من حديث خزيمة بن ثابت رفعه من أصاب ذنبا أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته وسنده حسن وفي الباب عن جرير بن عبد الله نحوه عند أبي الشيخ وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنده بسند صحيح إليه نحو حديث عبادة وفيه فمن فعل من ذلك شيئا فأقيم عليه الحد فهو كفارته وعن ثابت بن الضحاك نحوه عند أبي الشيخ وقد ذكرت شرح حديث الباب مستوفى في الباب العاشر من كتاب الايمان في أول الصحيح وقد استشكل ابن بطال قوله الحدود كفارة مع قوله في الحديث الآخر ما أدري الحدود كفارة لأهلها أو لا وأجاب بأن سند حديث عبادة أصح وأجيب بأن الثاني كان قبل أن يعلم بأن الحدود كفارة ثم أعلم فقال الحديث الثاني وبهذا جزم بن التين وهو المعتمد وقد أجيب من توقف في ذلك لأجل أن الأول من حديث أبي هريرة وهو متأخر الاسلام عن بيعة العقبة والثاني وهو التردد من حديث عبادة بن الصامت وقد ذكر في الخبر أنه ممن بايع ليلة العقبة وبيعة العقبة كانت قبل إسلام أبي هريرة بست سنين وحاصل الجواب أن البيعة المذكورة في حديث الباب كانت متأخرة عن إسلام أبي هريرة بدليل أن الآية المشار إليها في قوله وقرأ الآية كلها هي قوله تعالى يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا إلى آخرها وكان نزولها في فتح مكة وذلك بعد إسلام أبي هريرة بنحو سنتين وقررت ذلك تقريرا بينا وانما وقع الاشكال من قوله هناك إن عبادة بن الصامت وكان أحد النقباء ليلة العقبة قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال بايعوني على أن لا تشركوا فإنه يوهم أن ذلك كان ليلة العقبة وليس كذلك بل البيعة التي وقعت في ليلة العقبة كانت على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره الخ وهو من حديث عبادة أيضا كما أوضحت هناك قال بن العربي دخل في عموم قوله المشرك أو هو مستثنى فان المشرك إذا عوقب على شركه لم يكن ذلك كفارة له بل زيادة في نكاله (قلت) وهذا لا خلاف فيه قال وأما القتل فهو كفارة بالنسبة إلى الولي المستوفي للقصاص في حق المقتول لان القصاص ليس بحق له بل يبقى حق المقتول فيطالبه به في الآخرة كسائر الحقوق (قلت) والذي قاله في مقام المنع
(٧٤)