جعلها تنفذ ظاهرا وباطنا في جميع الصور أو في بعضها ومنهم من قال تنفذ ظاهرا لا باطنا ومن قال بالثاني أبطلها ولم يجز منها إلا ما وافق فيه اللفظ المعنى الذي تدل عليه القرائن الحالية وقد اشتهر القول بالحيل عن الحنفية لكون أبي يوسف صنف فيها كتابا لكن المعروف عنه وعن كثير من أئمتهم تقييد أعمالها بقصد الحق قال صاحب المحيط أصل الحيل قوله تعالى وخذ بيدك ضغثا الآية وضابطها إن كانت للفرار من الحرام والتباعد من الاثم فحسن وإن كانت لابطال حق مسلم فلا بل هي إثم وعدوان (قوله باب ترك الحيل) قال ابن المنير أدخل البخاري الترك في الترجمة لئلا يتوهم أي من الترجمة الأولى إجازة الحيل قال وهو بخلاف ما ذكره في باب بيعة الصغير فإنه أورد فيه أنه لم يبايعه بل دعا له ومسح برأسه فلم يقل باب ترك بيعة الصغير وذلك أن بيعته لو وقعت لم يكن فيها إنكار بخلاف الحيل فان في القول بجوازها عموما إبطال حقوق وجبت واثبات حقوق لا تجب فتحرى فيها لذلك (قلت) وانما أطلق أولا للإشارة إلى أن من الحيل ما يشرع فلا يترك مطلقا (قوله وإن لكل امرئ ما نوى في الايمان وغيرها) في رواية الكشميهني وغيره وجعل الضمير مذكرا على إرادة اليمين المستفاد من صيغة الجمع وقوله في الايمان وغيرها من تفقه المصنف لا من الحديث قال ابن المنير اتسع البخاري في الاستنباط والمشهور عند النظار حمل الحديث على العبادات فحمله البخاري عليها وعلى المعاملات وتبع مالكا في القول بسد الذرائع واعتبار المقاصد فلو فسد اللفظ وصح القصد الغي اللفظ وأعمل القصد تصحيحا وإبطالا قال والاستدلال بهذا الحديث على سد الذرائع وإبطال التحيل من أقوى الأدلة ووجه التعميم أن المحذوف المقدر الاعتبار فمعنى الاعتبار في العبادات إجزاؤها وبيان مراتبها وفي المعاملات وكذلك الايمان الرد إلى القصد وقد تقدم في باب ما جاء أن الأعمال بالنية من كتاب الايمان في أوائل الكتاب تصريح البخاري بدخول الاحكام كلها في هذا الحديث ونقلت هناك كلام بن المنير في ضابط ذلك (قوله حدثنا محمد بن إبراهيم) هو التيمي وقد صرح بتحديث علقمة شيخه في هذا الحديث له في أول بدء الوحي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس وفيه إشعار بأنه خطب به و قوله يخطب تقدم في بدء الوحي ان عمر قاله على المنبر (قوله انما الأعمال بالنية) تقدم في بدء الوحي بلفظ بالنيات وفي كتاب الايمان بلفظ الأعمال بالنية كما هنا مع حذف انما من أوله (قوله وانما لامرئ ما نوى) تقدم في بدء الوحي بلفظ وانما لكل امرئ ما نوى وهو الذي علقه في أول الباب وتقدم البحث في أن مفهومه ان من لم ينوي شيئا لم يحصل له وقد أورد عليه من نوى الحج عن غيره وكان لم يحج فأنه لم يصح عنه ويسقط عنه الفرض بذلك عند الشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق وقال الباقون يصح عن غيره ولا ينقلب عن نفسه لأنه لم ينوه واحتج للأول بحديث بن عباس في قصة شبرمة فعند أبي داود حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة وعند ابن ماجة فأجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة وسنده صحيح وأجابوا أن الحج خرج عن بقيه العبادات ولذلك يمضي فاسده دون غيره وقد وافق أبو جعفر الطبري على ذلك ولكن حمله على الجاهل بالحكم وأنه إذا علم بأن ناء الحال وجب عليه أن ينويه عن نفسه فحينئذ ينقلب وإلا فلا يصح عنه ويستثنى عن عموم الخبر ما يحصل من جهة الفضل الإلهي بالقصد من غير عمل كالاجر الحاصل للمريض بسبب مرضه على الصبر بثبوت الاخبار بذلك خلافا لمن قال إنما يقع
(٢٩٠)