الاضطراب إن شاء الله وذكر الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة وجها آخر ملخصه أن النبوة لها وجوه من الفوائد الدنيوية والأخروية خصوصا وعموما منها ما يعلم ومنها ما لا يعلم وليس بين النبوة والرؤيا نسبة إلا في كونها حقا فيكون مقام النبوة بالنسبة لمقام الرؤيا بحسب تلك الاعداد راجعة إلى درجات الأنبياء فنسبتها من أعلاهم وهو من ضم له إلى النبوة الرسالة أكثر ما ورد من العدد ونسبتها إلى الأنبياء غير المرسلين أقل ما ورد من العدد وما بين ذلك ومن ثم أطلق في الخبر النبوة ولم يقيدها بنبوة نبي بعينه ورأيت في بعض الشروح أن معنى الحديث أن للمنام شبها بما حصل للنبي وتميز به عن غيره بجزء من ستة وأربعين جزءا فهذه عدة مناسبات لم أر من جمعها في موضع واحد فلله الحمد على ما ألهم وعلم ولم اقف في شئ من الاخبار على كون الالهام جزءا من أجزاء النبوة مع أنه من أنواع الوحي إلا أن بن أبي جمرة تعرض لشئ منه كما سأذكره في باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله تعالى (قوله باب) بالتنوين (الرؤيا من الله) أي مطلقا وإن قيدت في الحديث بالصالحة فهو بالنسبة إلى ما لا دخول للشيطان فيه وأما ما له فيه دخل فنسبت إليه نسبة مجازية مع أن الكل بالنسبة إلى الخلق والتقدير من قبل الله وإضافة الرؤيا إلى الله للتشريف ويحتمل أن يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كما سأبينه وظاهر قوله الرؤيا من الله والحلم من الشيطان أن التي تضاف إلى الله لا يقال لها حلم والتي تضاف للشيطان لا يقال لها رؤيا وهو تصرف شرعي وإلا فالكل يسمى رؤيا وقد جاء في حديث آخر الرؤيا ثلاث فأطلق على كل رؤيا وسيأتي بيانه في باب القيد في المنام وذكر فيه حديثين الحديث الأول حديث أبي قتادة وزهير في السند هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي ويحيى بن سعيد هو الأنصاري وأبو سلمة هو بن عبد الرحمن (قوله الرؤيا الصادقة) في رواية الكشميهني الصالحة وهو الذي وقع في معظم الروايات وسقط الوصف من رواية أحمد بن يحيى الحلواني عن أحمد بن يونس شيخ البخاري فيه أخرجه أبو نعيم في المستخرج بلفظ الرؤيا من الله كالترجمة وكذا في الطب من رواية سليمان ابن بلال والإسماعيلي من رواية الثوري وبشر بن المفضل ويحيى القطان كلهم عن يحيى بن سعيد ولمسلم من رواية الزهري عن أبي سلمة كما سيأتي قريبا مثله ووقع في رواية عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة كما سيأتي في باب إذا رأى ما يكره الرؤيا الحسنة من الله ووقع عند مسلم من هذا الوجه الصالحة زاد في هذه الرواية فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يخبر به إلا من يحب ولمسلم في رواية من هذا الوجه فان رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب وقوله فليبشر بفتح التحتانية وسكون الموحدة وضم المعجمة من البشرى وقيل بنون بدل الموحدة أي ليحدث بها وزعم عياض أنها تصحيف ووقع في بعض النسخ من مسلم فليستر بمهملة ومثناة من الستر وفي حديث أبي رزين عند الترمذي ولا يقصها إلا على واد بتشديد الدال اسم فاعل من الود أو ذي رأي وفي أخرى ولا يحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا وفي أخرى ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قال القاضي أبو بكر بن العربي أما العالم فإنه يؤولها له على الخير مهما أمكنه وأما الناصح فإنه يرشد إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعلمه بما يعول عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فان عرف خيرا قاله وإن جهل أو شك سكت (قلت) والأولى الجمع بين الروايتين فان اللبيب عبر به عن العالم والحبيب عبر به من الناصح ووقع عند مسلم في حديث أبي سعيد في حديثي الباب فليحمد الله
(٣٢٦)