ومال الخطابي إلى تأويل الحديث في الامر بالقتل فقال قد يرد الامر بالوعيد ولا يراد به وقوع الفعل وانما قصد به الردع والتحذير ثم قال ويحتمل أن يكون القتل في الخامسة كان واجبا ثم نسخ بحصول الاجماع من الأمة على أنه لا يقتل وأما ابن المنذر فقال كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بالامر بجلده فان تكرر ذلك أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالاخبار الثابتة وباجماع أهل العلم إلا من شذ ممن لا يعد خلافه خلافا (قلت) وكأنه أشار إلى بعض أهل الظاهر فقد نقل عن بعضهم واستمر عليه ابن حزم منهم واحتج له وادعى أن لا إجماع وأورد من مسند الحرث بن أبي أسامة ما أخرجه هو والامام من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن عمرو وأنه قال ائتوني برجل أقيم عليه الحد يعني ثلاثا ثم سكر فإن لم اقتله فأنا كذاب وهذا منقطع لان الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو وكما جزم به بن المديني وغيره فلا حجة فيه وإذا لم يصح هذا عن عبد الله بن عمرو لم يبق لمن رد الاجماع على ترك القتل متمسك حتى ولو ثبت عن عبد الله بن عمرو لكان عذره أنه لم يبلغه النسخ وعد ذلك نزره المخالف وقد جاء عن عبد الله بن عمرو أشد من الأول فأخرج سعيد بن منصور عنه بسند لين قال لو رأيت أحدا يشرب الخمر واستطعت أن أقتله لقتلته وأما قول بعض من انتصر لابن حزم فطعن في النسخ بأن معاوية انما أسلم بعد الفتح وليس في شئ من أحاديث غيره الدالة على نسخه التصريح بأن ذلك متأخر عنه وجوابه أن معاوية أسلم قبل الفتح وقيل في الفتح وقصة ابن النعيمان كانت بعد ذلك لان عقبة بن الحرث حضرها إما بحنين وإما بالمدينة وهو انما أسلم في الفتح وحنين وحضور عقبة إلى المدينة كان بعد الفتح جزما فثبت ما نفاه هذا القائل وقد عمل بالناسخ بعض الصحابة فأخرج عبد الرزاق في مصنفه بسند لين عن عمر ابن الخطاب أنه جلد أبا محجن الثقفي في الخمر ثمان مرار وأورد نحو ذلك عن سعيد بن أبي وقاص وأخرج حماد بن سلمة في مصنفه من طريق أخرى رجالها ثقات أن عمر جلد أبا محجن في الخمر أربع مرار ثم قال له أنت خليع فقال أما إذ خلعتني فلا أشربها أبدا (قوله حدثنا علي بن عبد الله ابن جعفر) هو المعروف بابن المديني (قوله أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فأمر بضربه) وقع في رواية المستملي فقام ليضربه وهو تصحيف فقد تقدم الحديث في الباب الذي قبله من وجه أخر عن أبي ضمرة على الصواب بلفظ فقال اضربوه قال القرطبي ظاهره يقتضي أن السكر بمجرده موجب للحد لان الفاء للتعليل كقوله سهى فسجد ولم يفصل هل سكر من ماء عنب أو غيره ولا هل شرب قليلا أو كثيرا ففيه حجة للجمهور على الكوفيين في التفرقة وقد مضى بيان ذلك في الأشربة (قوله باب السارق حين يسرق) ذكر فيه حديث ابن عباس نحو حديث أبي هريرة الماضي في أول الحدود مقتصرا فيه على الزنا والسرقة ولأبي ذر مولا يسرق السارق وسقط لفظ السارق من رواية غيره وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية عمرو بن علي شيخ البخاري فيه وأخرجه أيضا من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق عن الفضل بن غزوان بسنده في ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن قال عكرمة قلت لابن عباس كيف ينتزع منه الايمان قال هكذا فان تاب راجعه الايمان وقد تقدم بسط هذا في أول كتاب الحدود (قوله باب لعن السارق إذا لم يسم) أي إذا لم يعين إشارة إلى الجمع بين النهي عن لعن الشارب المعين كما مضى تقريره وبين حديث الباب قال ابن بطال معناه لا ينبغي تعيين أهل المعاصي ومواجهتهم باللعن
(٧١)