ولعل ابن جريج انما أخذه عن عمرو بن شعيب بواسطة إبراهيم بن ميسرة فإنه ذكره عن عمرو بن شعيب بالعنعنة ولم يقف الكرماني على شئ من هذا فقال ما تقدم قال المهلب مناسبة ذكر حديث أبي رافع أن كل ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقا لشخص لا يحل لاحد إبطاله بحيلة ولا غيرها (قوله وقال بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشفعة) كذا للأصيلي ولأبي ذر عن غير الكشميهني وللآخرين يمنع ورجح عياض الأول وقال هو تغيير من الناسخ وقال الكرماني يجوز أن يكون المراد لازم المنع وهو الإزالة عن الملك (قوله فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها) بمهملتين وتشديد أي يصف حدودها التي تميزها وقال الكرماني في بعض النسخ ونحوها وهو أظهر (قوله ويدفعها إليه ويعوضه المشتري ألف درهم (يعني مثلا) فلا يكون للشفيع فيها شفعة) أي ويشترط أن لا يكون العوض المذكور مشروطا فلو كان أخذها الشفيع بقيمته وانما سقطت الشفعة في هذه الصورة لان الهبة ليست معاوضة محضة فأشبهت الإرث قال ابن التين أراد البخاري أن يبين أن ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقا للجار لا يحل له إبطاله ثم ذكر البخاري حديث أبي رافع مختصرا من طريق سفيان وهو الثوري عن إبراهيم بن ميسرة وساقه في آخر كتاب الحيل أتم منه وفيه تصريح سفيان بتحديث إبراهيم له به (قوله وقال بعض الناس ان اشترى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة وهب) أي ما اشتراه لابنه الصغير (ولا يكون عليه يمين) أي لان الهبة لو كانت للكبير وجب عليه اليمين فتحيل في إسقاطها يجعلها للصغير قال ابن بطال انما قال ذلك لان من وهب لابنه شيئا فعل ما يباح له فعله والهبة للابن الصغير يقبلها الأب لولده من نفسه وأشار باليمين إلى ما لو وهب لأجنبي فان للشفيع أن يحلف الأجنبي أن الهبة حقيقية وانها جرت بشروطها والصغير لا يحلف لكن عند المالكية أن أباه الذي يقبل له يحلف بخلاف ما إذا وهب للغريب وعن مالك لا تدخل الشفعة في الموهوب مطلقا وهو الذي في المدونة (قوله باب احتيال العامل ليهدى له) ذكر فيه حديث أبي حميد الساعدي في قصة ابن اللتبية وقد تقدم بعض شرحه في الهبة وتقدمت تسميته وضبط اللتبية في كتاب الزكاة ويأتي استيفاء شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى ومطابقته للترجمة من جهة أن تملكه ما أهدى له انما كان لعلة كونه عاملا فاعتقد أن الذي أهدى له يستبد به دون أصحاب الحقوق التي عمل فيها فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الاهداء له وأنه لو أقام في منزله لم يهد له شئ فلا ينبغي له أن يستحلها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية فإن ذاك انما يكون حيث يتمحض الحق له وقوله في آخره بصر عيني وسمع أذني بفتح الموحدة وضم الصاد المهملة وفتح السين المهملة وكسر الميم قال المهلب حيلة العامل ليهدى له تقع بان يسامح بعض من عليه الحق فلذلك قال هلا جلس في بيت أمه لينظر هل يهدى له فأشار إلى أنه لولا الطمع في وضعه من الحق ما أهدى له قال فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الهدية وضمها إلى أموال المسلمين كذا قال ولم أقف على أخذ ذلك منه صريحا قال ابن بطال دل الحديث على أن الهدية للعامل تكون لشكر معروفه أو للتحبب إليه أو للطمع في وضعه من الحق فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه فيما يهدى له من ذلك كأحد المسلمين لا فضل له عليهم فيه وأنه لا يجوز الاستئثار به انتهى والذي يظهر أن الصورة الثالثة إن وقعت لم تحل للعامل جزما وما قبلها في
(٣٠٦)