ثمانين ثم أصبح فجلده عشرين بجراءته بالشرب في رمضان وسيأتي الكلام في جواز الجمع بين الحد والتعزير في الكلام على تغريب الزاني إن شاء الله تعالى وتمسك من قال يقتل في الرابعة أو الخامسة بما سأذكره في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى وقد استقر الاجماع على ثبوت حد الخمر وأن لا قتل فيه واستمر الاختلاف في الأربعين والثمانين وذلك خاص بالحر المسلم وأما الذمي فلا يحد فيه وعن أحمد رواية أنه يحد وعنه إن سكر والصحيح عندهم كالجمهور وأما من هو في الرق فهو على النصف من ذلك إلا عند أبي ثور وأكثر أهل الظاهر فقالوا الحر والعبد في ذلك سواء لا ينقص عن الأربعين نقله بن عبد البر وغيره عنهم وخالفهم ابن حزم فوافق الجمهور (قوله باب ما يكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج من الملة) يشير إلى طريق الجمع بين ما تضمنه حديث الباب من النهي عن لعنه وما تضمنه حديث الباب الأول لا يشرب الخمر وهو مؤمن وأن المراد به نفي كان الايمان لا أنه يخرج عن الايمان جملة وعبر بالكراهة هنا إشارة إلى أن النهي للتنزيه في حق من يستحق اللعن إذا قصد به اللاعن محض السب لا إذا قصد معناه الأصلي وهو الابعاد عن رحمة الله فأما إذا قصده فيحرم ولا سيما في حق من لا يستحق اللعن كهذا الذي يحب الله ورسوله ولا سيما مع إقامة الحد عليه بل يندب الدعاء له بالتوبة والمغفرة كما تقدم تقريره في الباب الذي قبله في الكلام على حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب وبسبب هذا التفصيل عدل عن قوله في الترجمة كراهية لعن شارب الخمر إلى قوله ما يكره من فأشار بذلك إلى التفصيل وعلى هذا التقرير فلا حجة فيه لمنع لعن الفاسق المعين مطلقا وقيل أن المنع خاص بما يقع في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يتوهم الشارب عند عدم الانكار أنه مستحق لذلك فربما أوقع الشيطان في قلبه ما يتمكن به من فتنه والى ذلك الإشارة بقوله في حديث أبي هريرة لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم وقيل المنع مطلقا في حق من أقيم عليه الحد لان الحد قد كفر عنه الذنب المذكور وقيل المنع مطلقا في حق ذي الزلة والجواز مطلقا في حق المجاهرين وصوب ابن المنير أن المنع مطلقا في حق المعين والجواز في حق غير المعين لأنه في حق غير المعين زج عن تعاطي ذلك الفعل وفي حق المعين أذى له وسب وقد ثبت النهي عن أذى المسلم واحتج من أجاز لعن المعين بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لعن من يستحق اللعن فيستوي المعين وغيره وتعقب بأنه إنما يستحق اللعن بوصف الابهام ولو كان لعنه قبل الحد جائزا لاستمر بعد الحد كما لا يسقط التغريب بالجلد وأيضا فنصيب غير المعين من ذلك يسير جدا والله أعلم قال النووي في الاذكار وأما الدعاء على انسان بعينه ممن اتصف بشئ من المعاصي فظاهر الحديث أنه لا يحرم وأشار الغزالي إلى تحريمه وقال في باب الدعاء على الظلمة بعد أن أورد أحاديث صحيحة في الجواز قال الغزالي وفي معنى اللعن الدعاء على الانسان بالسوء حتى على الظالم مثل لا أصح الله جسمه وكل ذلك مذموم انتهى والأولى حمل كلام الغزالي على الأول وأما الأحاديث فتدل على الجواز كما ذكره النووي في قوله صلى الله عليه وسلم الذي قال كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال لا استطعت فيه دليل على جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي ومال هنا إلى الجواز قبل إقامة الحد والمنع بعد إقامته وصنيع البخاري يقتضي لعن المتصف بذلك من غير أن يعين باسمه فيجمع بين المصلحتين لان لعن المعين والدعاء عليه قد يحمله على
(٦٦)