أحبارهم بما ذكره فلما رفعوا الامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم استعلم القصة على وجهها فذكر كل من حضر من الرواة ما حفظه في ذلك ولم يكن مستندا حكم النبي صلى الله عليه وسلم الا ما اطلعه الله عليه واستدل به بعض المالكية على أن المجلود يجلد قائما إن كان رجلا والمراة قاعدة لقول ابن عمر رأيت الرجل يقيها الحجارة فدل على أنه كان قائما وهي قاعدة وتعقب بأنه واقعة عين فلا دلالة فيه على أن قيام الرجل كان بطريق الحكم عليه بذلك واستدل به على رجم المحصن وقد تقدم البحث فيه مستوفى وعلى الاقتصار على الرجم ولا يضم إليه الجلد وقد تقدم الخلاف فيه في باب مفرد وكذا احتج به بعضهم ولو احتج به لعكسه لكان أقرب لأنه في حديث البراء عند مسلم أن الزاني جلد أولا ثم رجم كما تقدم لكن يمكن الانفصال بان الجلد الذي وقع له لم يكن بحكم حاكم وفيه أن أنكحة الكفار صحيحة لان ثبوت الاحصان فرع ثبوت صحة النكاح وفيه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وفي أخذه من هذه القصة بعد وفيه أن اليهود كانوا ينسبون إلى التوراة ما ليس فيها ولو لم يكن مما أقدموا على تبديله والا لكان في الجواب حيدة عن السؤال لأنه سأل عما يجدون في التوراة فعدلوا عن ذلك لما يفعلونه وأوهموا أن فعلهم موافق لما في التوراة فأكذبهم عبد الله بن سلام وقد استدل به بعضهم على أنهم لم يسقطوا شيئا من ألفاظها كما يأتي تقريره في كتاب التوحيد والاستدلال به لذلك غير واضح لاحتمال خصوص ذلك بهذه الواقعة فلا يدل على التعميم وكذا من استدل به على أن التوراة التي أحضرت حينئذ كانت كلها صحيحة سالمة من التبديل لأنه يطرقه هذا الاحتمال بعينه ولا يرده قوله آمنت بك وبمن أنزلك لان المراد أصل التوراة وفيه اكتفاء الحاكم بترجمان واحد موثوق به وسيأتي بسطه في كتاب الأحكام واستدل به على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ثبت ذلك إما بدليل قرآن أو حديث صحيح ما لم يثبت نسخه بشريعة نبينا أو نبيهم أو شريعتهم وعلى هذا فيحمل ما وقع في هذه القصة على أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن هذا الحكم لم ينسخ من التوراة أصلا (قوله باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به) ذكر فيه قصة العسيف وقد تقدم شرحه مستوفى والحكم المذكور ظاهر فيمن قذف امرأة غيره وأما من قذف امرأته فكأنه أخذه من كون زوج المرأة كان حاضرا ولم ينكر ذلك وأشار بقوله هل على الامام إلى الخلاف في ذلك والجمهور على أن ذلك بحسب ما يراه الإمام قال النووي الأصح عندنا وجوبه والحجة فيه بعث أنيس إلى المرأة وتعقب بأنه فعل وقع في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن يكون السبب البعث ما وقع بين زوجها وبين والد العسيف من الخصام والمصالحة على الحد واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ولم ينكر عليه زوجها فالارسال إلى هذه يختص بمن كان على مثل حالها من التهمة القوية بالفجور وانما علق على اعترافها لان حد الزنا لا يثبت في مثلها إلا بالاقرار لتعذر إقامة البينة على ذلك وقد تقدم شرح الحديث مستوفى وذكرت ما قيل من الحكمة في إرسال أنيس إلى المرأة المذكورة وفي الموطأ أن عمر أتاه رجل فأخبره أنه وجد مع امرأته رجلا فبعث إليها أبا واقد فسألها عما قال زوجها وأعلمها أنه لا يؤخذ بقوله فاعترفت فأمر بها عمر فرجمت قال ابن بطال أجمع العلماء على أن من قذف امرأته أو امرأة غيره بالزنا فلم يأت على ذلك بينة أن
(١٥٣)