وزاد ولولا الكلمة التي قالها لما لبث في السجن ما لبث وقد مضى شرح ما يتعلق بذلك في قصة يوسف من أحاديث الأنبياء (قوله باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام) ذكر فيه خمسة أحاديث الحديث الأول حديث أبي هريرة (قوله عبد الله) هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد (قوله أن أبا هريرة قال) في رواية الإسماعيلي من طريق الزبيدي عن الزهري أخبرني أبو سلمة سمعت أبا هريرة (قوله من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) زاد مسلم من هذا الوجه أو فكأنما رآني في اليقظة هكذا بالشك وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة فقد رآني في اليقظة بدل قوله فسيراني ومثله في حديث ابن مسعود عند ابن ماجة وصححه الترمذي وأبو عوانة ووقع عند ابن ماجة من حديث أبي جحيفة فكأنما رآني في اليقظة فهذه ثلاث ألفاظ فسيراني في اليقظة فكأنما رآني في اليقظة فقد رآني في اليقظة وحمل أحاديث الباب كالثالثة إلا قوله في اليقظة (قوله قال أبو عبد الله قال ابن سيرين إذا رآه في صورته) سقط هذا التعليق للنسفي ولأبي ذر وثبت عند غيرهما وقد رويناه موصولا من طريق إسماعيل ابن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب وهو من شيوخ البخاري عن حماد بن زيد عن أيوب قال كان محمد يعني ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال صف لي الذي رأيته فان وصف له صفة لا يعرفها قال لم تره وسنده صحيح ووجدت له ما يؤيده فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب حدثني أبي قال قلت لابن عباس رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال صفه لي قال ذكرت الحسن بن علي فشبهته به قال قد رأيته وسنده جيد ويعارضه ما أخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني فاني أرى في كل صورة وفي سنده صالح مولى التوأمة وهو ضعيف لاختلاطه وهو من رواية من سمع منه بعد الاختلاط ويمكن الجمع بينهما بما قاله القاضي أبو بكر بن العربي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيت على غير صفته إدراك للمثال فان الصواب أن الأنبياء لا تغيرهم الأرض ويكون إدراك الذات الكريمة حقيقة وإدراك الصفات إدراك المثل قال وشذ بعض القدرية فقال الرؤيا لا حقيقة لها أصلا وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس حقيقة وقال بعض المتكلمين هي مدركة بعينين في القلب قال وقوله فسيراني معناه فسيرى تفسير ما رأى لأنه حق وغيب ألقي فيه وقيل معناه فسيراني في القيامة ولا فائدة في هذا التخصيص وأما قوله فكأنما رآني فهو تشبيه ومعناه أنه لو رآه في اليقظة لطابق ما رآه في المنام فيكون الأول حقا وحقيقة والثاني حقا وتمثيلا قال وهذا كله إذا رآه على صورته المعروفة فان رآه على خلاف صفته فهي أمثال فان رآه مقبلا عليه مثلا فهو خير للرائي وفيه وعلى العكس فبالعكس وقال النووي قال عياض يحتمل أن يكون المراد بقوله فقد رآني أو فقد رأى الحق أن من رآه على صورته في حياته كانت رؤياه حقا ومن رآه على غير صورته كانت رؤياه تأويل وتعقبه فقال هذا ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها انتهى ولم يظهر لي من كلام القاضي ما ينافي ذلك بل ظاهر قوله أنه يراه حقيقة في الحالتين لكن في الأولى تكون الرؤيا مما لا يحتاج إلى تعبير والثانية مما يحتاج إلى التعبير قال القرطبي اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته
(٣٣٨)