تعالى لم تحرم ما أحل الله لك (قلت) وقد ذكرت في التفسير الخلاف في المراد بذلك وأن الذي في الصحيح هو العسل وهو الذي وقع في قصة زينب بنت جحش وقيل في تحريم مارية وأن الصحيح أنه نزل في كلا الامرين ثم وجدت في الطبراني وتفسير ابن مردويه من طريق أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند سودة فذكر نحو حديث الباب وفي آخره فأنزلت يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ورواته موثقون إلا أن أبا عامر وهم في قوله سودة وذكر فيه حديث عائشة كان يحب الحلواء والعسل وكان إذا صلى العصر دخل على نسائه فيدنو منهن الحديث بطوله وقد تقدم في كتاب الطلاق مشروحا وذكر معه حديث عائشة من طريق عبيد بن عمير عنها وفيه أن التي سقته العسل زينب بنت جحش واستشكلت قصة حفصة بأن في الآية ما يدل على أن نزول ذلك كان في حق عائشة وحفصة فقط لتكرار التثنية في قوله أن تتوبا وإن تظاهرا وهنا جاء فيه ذكر ثلاثة وجمع الكرماني بينهما بأن قصة حفصة سابقة وليس فيها سبب نزول ولا تثنيه بخلاف قصة زينب ففيها تواطأت أنا وحفصة وفيها التصريح بأن الآية نزلت في ذلك وحكى ابن التين عن الداودي أن قوله في هذا الحديث أن التي سقته العسل حفصة غلط لان صفية هي التي تظاهرت مع عائشة في هذه القصة وانما شربه عند صفية وقيل عند زينب كذا قال وجزمه بأن الرواية التي فيها حفصة غلط مردود فإنها ليست غلطا بل هي قصة أخرى والحديث الصحيح لا يرد بمثل هذا ويكفي في الرد عليه أنه جعل قصة زينب لصفية وأشار إلى أن نسبة ذلك لزينب ضعيف والواقع أنه صحيح وكلاهما متفق على صحته وللداودي عجائب في شرحه ذكرت منها شيئا كثيرا ومنها في هذا الحديث أنه قال في قوله جرست نخلة العرفط جرست معناه تغيير طعم العسل لشئ يأكله النحل والعرفط موضع وتفسير الجرس بالتغير والعرفط بالموضع مخالف للجميع وقد تقدم بيانه مع شرح الحديث وقوله في هذه الرواية أجاز ثبت هكذا لهم وهو صحيح يقال أجزت الوادي إذا قطعته والمراد انه يقطع المسافة التي بين كل واحدة والتي تليها ووقع في رواية مسلم والإسماعيلي هنا جاز وحكى ابن التين جاز على نسائه أي مر أو سلك ووقع في رواية علي من مسهر الماضية في الطلاق إذا صلى العصر دخل وقوله فيها أبادئه بهمزة وموحدة وفيه اختلاف ذكرته فيما مضى وقوله فرقا بفتح الراء أي خوفا وقال ابن المنير انما ساغ لهن أن يقلن أكلت مغافير لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام بدليل جوابه بقوله لا وأردن بذلك التعريض لا صريح الكذب فهذا وجه الاحتيال الذي قالت عائشة لتحتالن له ولو كان كذبا محضا لم يسم حيلة إذ لا شبهة لصاحبه (قوله باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون) ذكر فيه حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر خرج إلى الشام فذكر حديث عبد الرحمن بن عوف في النهي عن الخروج من البلد الذي يقع به الطاعون وعن القدوم على البلد التي وقع بها وحديث سالم بن عبد الله يعني ابن عمر أن عمر إنما انصرف من حديث عبد الرحمن بن عوف وحديث عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أسامة بن زيد يحدث سعدا بمعنى حديث عبد الرحمن بن عوف وفيه زيادة في أوله وقد تقدم كل ذلك مشروحا في كتاب الطب ووقع في حديث أسامة هنا الوجع بدل الطاعون وقوله فيذهب المرة ويأتي الأخرى قال المهلب يتصور التحيل في الفرار من الطاعون بأن يخرج في تجارة أو لزيارة
(٣٠٣)