لا تخدعوني فان ذلك لا يحل (قلت) والذي يظهر أنه وارد مورد الشرط أي إن ظهر في العقد خداع فهو غير صحيح كأنه قال بشرط أن لا يكون فيه خديعة أو قال لا تلزمني خديعتك قال المهلب ولا يدخل في الخداع المحرم الثناء على السلعة والاطناب في مدحها فإنه متجاوز عنه ولا ينتقص به البيع وقال بن القيم في الاعلام أحدث بعض المتأخرين حيلا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة ومن عرف سيرة الشافعي وفضله علم أنه لم يكن يأمر بفعل الحيل التي تبنى على الخداع وإن كان يجري العقود على ظاهرها ولا ينظر إلى قصد العاقد إذا خالف لفظه فحاشاه أن يبيح للناس المكر والخديعة فان الفرق بين اجراء العقد على ظاهره فلا يعتبر القصد في العقد وبين تجويز عقد قد علم بناؤه على المكر مع العلم بأن باطنه بخلاف ظاهره ظاهر ومن نسب حل الثاني إلى الشافعي فهو خصمه عند الله فان الذي جوزه بمنزلة الحاكم يجري الحكم على ظاهره في عدالة الشهود فيحكم بظاهر عدالتهم وان كانوا في الباطن شهود زور وكذا في مسألة العينة انما جوز أن يبيع السلعة ممن يشتريها جريا منه على أن ظاهر عقود المسلمين سلامتها من المكر والخديعة ولم يجوز قط أن المتعاقدين يتواطئان على ألف بألف ومائتين ثم يحضران سلعة تحلل الربا ولا سيما ان لم يقصد البائع بيعها ولا المشتري شراءها ويتأكد ذلك إذا كانت ليست ملكا للبائع كأن يكون عنده سلعة لغيره فيوقع العقد ويدعي أنها ملكه ويصدقه المشتري فيوقعان العقد على الأكثر ثم يستعيدها البائع بالأقل ويترتب الأكثر في ذمة المشتري في الظاهر ولو علم الذي جوز ذلك بذلك لبادر إلى إنكاره لان لازم المذهب ليس بمذهب فقد يذكر العالم الشئ ولا يستحضر لازمه حتى إذا عرفه أنكره وأطال في ذلك جدا وهذا ملخصه والتحقيق أنه لا يلزم من الاثم في العقد بطلانه في ظاهر الحكم فالشافعية يجوزون العقود على ظاهرها ويقولون مع ذلك إن من عمل الحيل بالمكر والخديعة بإثم في الباطن وبهذا يحصل الانفصال عن إشكاله والله أعلم (قوله باب ما ينهى عن الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وأن لا يكمل لها صداقها) ذكر فيه حديث عائشة في تفسير قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ولم يسقه بتمامه وقد تقدم بهذا السند في النكاح تاما قال ابن بطال فيه أنه لا يجوز للولي أن يتزوج بيتيمة بأقل من صداقها ولا أن يعطيها من العروض في صداقها ما لا يفي بقيمة صداق مثلها واختلف في سبب نزول الآية المذكورة كما تقدم عند شرح الحديث المذكور في تفسير سورة النساء وفي قوله في اليتامى حذف تقديره في نكاح اليتامى وقوله ما طاب لكم من النساء أي من سواهن قال القاضي أبو بكر بن الطيب معنى الآية وان خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى الأطفال اللاتي لا أولياء لهن يطالبونكم بحقوقهن ولا تأمنوا من ترك القيام بحقوقهم لعجزهن عن ذلك فتزوجوا من النساء القادرات على تدبير أمورهن أو من لهن أولياء يمنعونكم من الحيف عليهن وقوله ثم استفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله يستفتونك في النساء فذكر الحديث كذا في الأصل وقد تقدم سياقه (قوله باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضى) بالضم على البناء للمجهول أي حكم ويجوز بناؤه للمعلوم أي حكم القاضي على الغاصب (بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها) أي اطلع على أنها لم تمت (فهي له) أي لصاحبها المغصوبة منه (وترد القيمة) أي على الغاصب (ولا تكون القيمة ثمنا) أي لعدم جريان بيع بينهما وانما أخذ
(٢٩٨)