لهذا الزوج عقدا مستأنفا فيصح وهذا قول أبي حنيفة وحده واحتج بأثر عن علي في نحو هذا قال فيه شاهداك زوجاك وخالفه صاحباه وقال ابن العربي اعتمد الحنفية أمرين أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين أحدكما كاذب ففرق بينهما على قول تحقق أنه باطل فكذلك البناء على شهادة الزور والثاني أن الفرج يقبل إنشاء الحل فيه كتزويج الرجل ابنته بمال لظان من لا ولي لها والمال انما ينشئ الحل فيها بالقبول من المالك قال وحاصل الجواب عن ذلك أن المجتهد انما يحصل الحكم الذي لا اثر فيه على النظير لا على الضد فلا يصح حمل شهادة الزور على اللعان والفرج وانما ينشأ الحل فيه بوجه يستوي ظاهره وباطنه وأما بأمر يظهر باطنه فلا انتهى ملخصا وقال ابن التين قال أبو حنيفة إذا شهدا بزور على الطلاق فحكم القاضي بها تصير المرأة مطلقة بحكم الحاكم ويجوز لها أن تتزوج حتى بأحد الشاهدين وقال فيما لو أقام شاهدي زور على محرم أنها زوجته ان الحكم لا ينفذ في الباطن ولا يحل له وطؤها وهو يعلم وكذا لو شهدا له بمال قال وفرق بين الموضعين فان كل شئ جاز ان يكون للحاكم فيه ولاية ابتداه أنه ينفذ حكمه فيه ظاهرا وباطنا وما لا فأنه ينفذ في الظاهر دون الباطن فلما أن كان للحاكم فيه ولاية في عقد النكاح وولاية في أنه يطلق على غيره نفذ حكمه ظاهرا وباطنا ولما لم يكن له ولاية في تزويج ذوات المحارم ولا في نقل الأموال نفذ ظاهرا لا باطنا قال والحجة للجمهور قوله صلى الله عليه وسلم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه وهذا عام في الأموال والأبضاع فلو كان حكم الحاكم يحيل الأمور عما هي عليه لكان حكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى (قلت) وبهذا احتج الشافعي كما سيأتي بيانه عند شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى وقد احتج لأبي حنيفة أيضا بأن الفرقة في اللعان تقع بقضاء القاضي ولو كان الملاعن في الباطن كاذبا وبأن البيعين إذا اختلفا تحالفا وترادا السلعة ولا تحرم انتفاع بائع السلعة بها بعد ذلك ولو كان في نفس الامر كاذبا وأجيب بأن الأثر المتقدم عن علي لا يثبت وبأنه موقوف وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم حجة بغير مرجح وبأن الفرقة في اللعان ثبتت بالنص والذي حكم بالملاعنة لا يعلم أن الملاعن حلف كاذبا وأما مسألة البيعين فإنما كان الحكم فيها كذلك للتعارض (تنبيه) ذكر البخاري في هذا الباب ثلاثة فروع مبنية على اشتراط الاستئذان وينظمها صحة النكاح بشهادة الزور وحجة الحنفية فيها ما تقدم وعبر في الأولى بقوله فلا بأس أن يطأها وهو تزويج صحيح وفي الثانية بقوله فإنه يسعه هذا النكاح ولا بأس بالمقام معها وفي الثالثة بقوله حل له الوطئ وهو تفنن في العبارة والمفاد واحد ثم يحتمل أن يكون ذلك وقع في كلام من نقل عنه ويحتمل أن يكون من تصرفه والله أعلم وقال الكرماني صور الأول في البكر والثاني في الثيب والثالث في الصغيرة إذا لا يتم بعد احتلام وفي الأولين ثبت الرضا في الشهادة إذا كان ذلك قبل العقد وفي الثالث ثبت بالاعتراف أو أنه بعد العقد وقع ذلك فحاصل الفروع الثلاثة واحد وهو أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرا وباطنا ويحلل ويحرم وفائدة إيرادها المبالغة في التشنيع لما فيه من حمل الزوج في الثلاثة على الاقدام على الاثم العظيم مع العلم بالتحريم والله أعلم (قوله باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك) قال ابن التين معنى الترجمة ظاهر إلا أنه لم يبين ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وهو قوله
(٣٠٢)