داخلة في قوله تعالى والذين عاقدت أيمانكم فلما نزل قوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله نسخ الميراث بين المتعاقدين وبقي النصر والرفادة وجواز الوصية لهم وقد وقع في رواية العوفي عن ابن عباس بيان السبب في إرثهم قال كان الرجل في الجاهلية يلحق به الرجل فيكون تابعه فإذا مات الرجل صار لأقاربه الميراث وبقى تابعه ليس له شئ فنزلت والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم فكانوا يعطونه من ميراثه ثم نزلت وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فنسخ ذلك (قلت) والعوفي ضعيف والذي في البخاري هو الصحيح المعتمد وتصحيح السياق قد ظهر في نفس الرواية وأن بعض الرواة قدم بعض الألفاظ على بعض وحذف منها شيئا وأن بعضهم ساقها على الاستقامة وذلك هو المعتمد قال ابن بطال اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام وهم من لا سهم له وليس بعصبة فذهب أهل الحجاز والشام إلى منعهم الميراث وذهب الكوفيون وأحمد وإسحاق إلى توريثهم واحتجوا بقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض واحتج الآخرون بأن المراد بها من له سهم في كتاب الله لان آية الأنفال مجملة وآية المواريث مفسرة وبقوله صلى الله عليه وسلم من ترك مالا فلعصبته وأنهم أجمعوا على ترك القول بظاهرها فجعلوا ما يخلفه المعتوق إرثا لعصبته دون مواليه فان فقدوا فلمواليه دون ذوي رحمه واختلفوا في توريثهم فقال أبو عبيد رأي أهل العراق رد ما بقى من ذوي الفروض إذا لم تكن عصبة على ذوي الفروض وإلا فعليهم وعلى العصبة فان فقدوا أعطوا ذوي الأرحام وكان ابن مسعود ينزل كل ذي رحم منزلة من يجر إليه وأخرج بسند صحيح عن ابن مسعود أنه جعل العمة كالأب والخالة كالأم فقسم المال بينهما أثلاثا وعن علي أنه كان لا يرد على البنت دون الام ومن أدلتهم حديث الخال وارث من لا وارث له وهو حديث حسن أخرجه الترمذي وغيره وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يرد به إذا كان عصبة ويحتمل أن يريد بالحديث المذكور السلب كقولهم الصبر حيلة من لا حيلة له ويحتمل أن يكون المراد به السلطان لأنه خال المسلمين حكى هذه الاحتمالات ابن العربي (قوله باب ميراث الملاعنة) بفتح العين المهملة ويجوز كسرها والمراد بيان ما ترثه من ولدها الذي لاعنت عليه ذكر فيه حديث ابن عمر المختصر في الملاعنة وقد مضى شرحه في كتاب اللعان ومن وجه آخر مطول عن ابن عمر ومن حديث سهل بن سعد والغرض منه هنا قوله وألحق الولد بالمرأة وقد اختلف السلف في معنى إلحاقه بأمه مع اتفاقهم على أنه لا ميراث بينه وبين الذي نفاه فجاء عن علي وابن مسعود أنهما قالا في ابن الملاعنة عصبته عصبة أمه يرثهم ويرثونه أخرجه ابن أبي شيبة وقال النخعي والشعبي وجاء عن علي وابن مسعود أنهما كانا يجعلان أمه عصبة وحدها فتعطى المال كله فإن ماتت أمه قبله فماله لعصبتها وبه قال جماعة منهم الحسن وابن سيرين ومكحول والثوري وأحمد في رواية وجاء عن علي أن ابن الملاعنة ترثه أمه وإخوته منها فان فضل شئ فهو لبيت المال وهذا قول زيد بن ثابت وجمهور العلماء وأكثر فقهاء الأمصار قال مالك وعلى هذا أدركت أهل العلم وأخرج عن الشعبي قال بعث أهل الكوفة إلى الحجاز في زمن عثمان يسألون عن ميراث ابن الملاعنة فأخبروهم أنه لامه وعصبتها وجاء عن ابن عباس عن علي أنه أعطى الملاعنة الميراث وجعلها عصبة قال ابن عبد البر الرواية الأولى أشهر عند أهل الفرائض قال ابن بطال هذا الخلاف إنما نشأ من حديث الباب حيث جاء فيه
(٢٥)