سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلا لمن سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه ووجه التعقب عليه وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق (قوله أنفق مثل أحد ذهبا) زاد البرقاني في المصافحة من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش كل يوم قال وهي زيادة حسنة (قوله مد أحدهم ولا نصيفه) أي المد من كل شئ والنصيف بوزن رغيف هو النصف كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين وقيل النصيف مكيال دون المد والمد بضم الميم مكيال معروف ضبط قدره في كتاب الطهارة وحكى الخطابي انه روي بفتح الميم قال والمراد به الفضل والطول وقد تقدم في أول باب فضائل الصحابة تقرير أفضلية أصحابه عمن بعدهم وهذا الحديث دال لما وقع الاختيار له مما تقدم من الاختلاف والله أعلم قال البيضاوي معنى الحديث لا ينال أحدكم بانفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والاجر ما ينال أحدهم بانفاق مد طعام أو نصيفه وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الاخلاص وصدق النية (قلت) وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الاحتياج إليه وأشار بالأفضلية بسبب الانفاق إلى الأفضلية بسبب القتال كما وقع في الآية من أنفق من قبل الفتح وقاتل فان فيها إشارة إلى موقع السبب الذي ذكرته وذلك أن الانفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيما لشدة الحاجة إليه وقلة المعتني به بخلاف ما وقع بعد ذلك لان المسلمين كثروا بعد الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم والله أعلم (قوله تابعه جرير) هو ابن عبد الحميد وعبد الله بن داود هو الخريبي بالمعجمة والموحدة مصغر وأبو معاوية هو الضرير ومحاضر بمهملة ثم معجمة بوزن مجاهد عن الأعمش أي عن أبي صالح عن أبي سعيد فاما رواية جرير فوصلها مسلم وابن ماجة وأبو يعلى وغيرهم واما رواية محاضر فرويناها موصولة في فوائد أبي الفتح الحداد من طريق أحمد بن يونس الضبي عن محاضر المذكور فذكره مثل رواية جرير لكن قال بين خالد بن الوليد وبين أبي بكر بدل عبد الرحمن بن عوف وقول جرير أصح وقد وقع كذلك في رواية عاصم عن أبي صالح الآتي ذكرها واما رواية عبد الله ابن داود فوصلها مسدد في مسنده عنه وليس فيه القصة وكذا أخرجها أبو داود عن مسدد واما رواية أبي معاوية فوصلها أحمد عنه هكذا وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب ويحيى بن يحيى ثلاثتهم عن أبي معاوية لكن قال فيه عن أبي هريرة بدل أبي سعيد وهو وهم كما جزم به خلف وأبو مسعود وأبو علي الجياني وغيرهم قال المزي كان مسلما وهم في حال كتابته فإنه بدا بطريق أبي معاوية ثم ثنى بحديث جرير فساقه بإسناده ومتنه ثم ثلث بحديث وكيع ثم ربع بحديث شعبة ولم يسق اسنادهما بل قال بإسناد جرير وأبي معاوية فلولا ان إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما أحال عليهما معا فان طريق وكيع وشعبة جميعا تنتهي إلى أبي سعيد دون أبي هريرة اتفاقا انتهى كلامه وقد أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة أحد شيوخ مسلم فيه في مسنده ومصنفه عن أبي معاوية فقال عن أبي سعيد كما قال أحمد وكذا رويناه من طريق أبي نعيم في المستخرج من رواية عبيد بن غنام عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه أبو نعيم أيضا من رواية أحمد ويحيى بن عبد الحميد وأبي خيثمة وأحمد بن جواس كلهم عن أبي معاوية فقال عن أبي سعيد وقال بعده أخرجه مسلم عن أبي بكر وأبي كريب
(٢٨)