ثم عجلت للحداثة فقلت ثم أنت يا أبتي فقال أبوك رجل من المسلمين زاد في رواية الحسن بن محمد إلى ما لهم وعلى ما عليهم وهذا قاله علي تواضعا مع معرفته حين المسألة المذكورة انه خير الناس يومئذ لان ذلك كان بعد قتل عثمان واما خشية محمد بن الحنفية أن يقول عثمان فلان محمدا كان يعتقد ان أباه أفضل فخشي ان عليا يقول عثمان على سبيل التواضع منه والهضم لنفسه فيضطرب حال اعتقاده ولا سيما وهو في سن الحداثة كما أشار إليه في الرواية المذكورة وروى خيثمة في فضائل الصحابة من طريق عبيد بن أبي الجعد عن أبيه ان عليا قال فذكر هذا الحديث وزاد ثم قال الا أخبركم بخير أمتكم بعد عمر ثم سكت فظننا انه يعني نفسه وفي رواية عبيد خبر عن علي أنه قال ذلك بعد وقعة النهروان وكانت في سنة ثمان وثلاثين وزاد في آخر حديثه أحدثنا أمورا يفعل الله فيها ما يشاء وأخرج ابن عساكر في ترجمة عثمان من طريق ضعيفة في هذا الحديث ان عليا قال إن الثالث عثمان ومن طريق أخرى ان أبا جحيفة قال فرجعت الموالي يقولون كنى عن عثمان والعرب تقول كنى عن نفسه وهذا يبين انه لم يصرح بأحد وقد سبق بيان الاختلاف في أي الرجلين أفضل بعد أبي بكر وعمر عثمان أو علي وان الاجماع انعقد بآخرة بين أهل السنة ان ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة رضي الله عنهم أجمعين قال القرطبي في المفهم ما ملخصه الفضائل جمع فضيلة وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف وعلو منزلة اما عند الحق واما عند الخلق والثاني لا عبرة به الا ان أوصل إلى الأول فإذا قلنا فلان فاضل فمعناه ان له منزلة عند الله وهذا لا توصل إليه الا بالنقل عن الرسول فإذا جاء ذلك عنه إن كان قطعيا قطعنا به أو ظنيا عملنا به وإذا لم نجد الخبر فلا خفاء انا إذا رأينا من اعانه الله على الخير ويسر له أسبابه انا نرجو حصول تلك المنزلة له لما جاء في الشريعة من ذلك قال وإذا تقرر ذلك فالمقطوع به بين أهل السنة بأفضلية أبي بكر ثم عمر ثم اختلفوا فيمن بعدهما فالجمهور على تقديم عثمان وعن مالك التوقف والمسألة اجتهادية ومستندها ان هؤلاء الأربعة اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه وإقامة دينه فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة والله أعلم * الحديث الخامس عشر حديث عائشة في نزول آية التيمم وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب التيمم والغرض منه قول أسيد بن الحضير في آخره ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر وقد تقدم هناك ذكر ألفاظ أخرى تدل على فضلهم * الحديث السادس عشر حديث أبي سعيد (قوله سمعت ذكوان) هو أبو صالح السمان (قوله عن أبي سعيد) في رواية أخرى سأبينها عن أبي هريرة والأول أولى كما سيأتي (قوله لا تسبوا أصحابي) وقع في رواية جرير ومحاضر عن الأعمش وكذا في رواية عاصم عن أبي صالح ذكر سبب لهذا الحديث وهو ما وقع في أوله قال كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شئ فسبه خالد فذكر الحديث وسيأتي بيان من أخرجه (قوله فلو ان أحدكم) فيه اشعار بان المراد بقوله أولا أصحابي أصحاب مخصوصون والا فالخطاب كان للصحابة وقد قال لو أن أحدكم أنفق وهذا كقوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل الآية ومع ذلك فنهى بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى وغفل من قال إن الخطاب بذلك لغير الصحابة وانما المراد من
(٢٧)