علي لم يكن له باب الا من داخل المسجد والله أعلم وفي حديث الباب من الفوائد غير ما تقدم فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق وانه كان متأهلا لان يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلا لولا المانع المتقدم ذكره ويؤخذ منه ان للخليل صفة خاصة تقتضي عدم المشاركة فيها وان المساجد تصان عن التطرق إليها لغير ضرورة مهمة والإشارة بالعلم الخاص دون التصريح لاثارة افهام السامعين وتفاوت العلماء في الفهم وان من كان ارفع في الفهم استحق ان يطلق عليه اعلم وفيه الترغيب في اختيار ما في الآخرة على ما في الدنيا وفيه شكر المحسن والتنويه بفضله والثناء عليه وقال ابن بطال فيه ان المرشح للامامة يخص بكرامة تدل عليه كما وقع في حق الصديق في هذه القصة (قوله باب فضل أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم) أي في رتبة الفضل وليس المراد البعدية الزمانية فان فضل أبي بكر كان ثابتا في حياته صلى الله عليه وسلم كما دل عليه حديث الباب (قوله حدثنا سليمان) هو ابن بلال ويحي بن سعيد هو الأنصاري والاسناد كله مدنيون (قوله كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي نقول فلان خير من فلان إلى آخره وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الآتية في مناقب عثمان كنا لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم وقوله لا نعدل بابي بكر أي لا نجعل له مثلا وقوله ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الكلام فيه ولأبي داود من طريق سالم عن ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان زاد الطبراني في رواية فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره وروى خيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن ابن عمر كنا نقول إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس فيسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال في حديث الباب دون اخره وفي الحديث تقديم عثمان بعد أبي بكر وعمر كما هو المشهور عند جمهور أهل السنة وذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان وممن قال به سفيان الثوري ويقال انه رجع عنه وقال به ابن خزيمة وطائفة قبله وبعده وقيل لا يفضل أحدهما على الاخر قاله مالك في المدونة وتبعه جماعة منهم يحيى القطان ومن المتأخرين ابن حزم وحديث الباب حجة للجمهور وقد طعن فيه بن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق قال سمعت ابن معين يقول من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته فهو صاحب سنة قال فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ وتعقب بان ابن معين أنكر رأي قوم وهم العثمانية الذين يغالون في حب عثمان وينتقصون عليا ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مذموم وادعى ابن عبد البر أيضا ان هذا الحديث خلاف قول أهل السنة ان عليا أفضل الناس بعد الثلاثة فإنهم اجمعوا على أن عليا أفضل الخلق بعد الثلاثة ودل هذا الاجماع على أن حديث ابن عمر غلط وإن كان السند إليه صحيحا وتعقب أيضا بأنه لا يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام وبان الاجماع المذكور انما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطا والذي أظن أن ابن عبد البر انما أنكر الزيادة التي وقعت في رواية عبيد الله بن عمر
(١٤)