في بعض الروايات وانا ان ثبتت الرواية بذلك (قوله إن أبا سفيان رجل مسيك) سيأتي شرحه في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى وفي الحديث دلالة على وفور عقل هند وحسن تأنيها في المخاطبة ويؤخذ منه ان صاحب الحاجة يستحب له ان يقدم بين يدي نجواه اعتذارا إذا كان في نفس الذي يخاطبه عليه موجدة وان المعتذر يستحب له ان يقدم ما يتأكد به صدقه عند من يعتذر إليه لان هند قدمت الاعتراف بذكر ما كانت عليه من البغض ليعلم صدقها فيما دعته من المحبة وقد كانت هند في منزلة أمهات نساء النبي صلى الله عليه وسلم لان أم حبيبة إحدى زوجاته بنت زوجها أبي سفيان (قوله باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل) هو ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل وقد تقدم نسبه في ترجمته وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة وكان ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان وجانب الشرك لكنه مات قبل المبعث فروى محمد بن سعد والفاكهي من حديث عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال قال لي زيد بن عمرو اني خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان وكانا يصليان إلى هذه القبلة وانا انتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه وانا أومن به واصدقه واشهد انه نبي وان طالت بك حياة فاقره مني السلام قال عامر فلما أسلمت أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بخبره قال فرد عليه السلام وترحم عليه قال ولقد رايته في الجنة يسحب ذيولا وروى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد قال خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين حتى آتيا الشام فتنصر ورقة وامتنع زيد فاتى الموصل فلقي راهبا فعرض عليه النصرانية فامتنع وذكر الحديث نحو حديث بن عمر الآتي في ترجمته وفيه قال سعيد بن زيد فسألت انا وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد فقال غفر الله له ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم وروى الزبير بن بكار من طريق هشام بن عروة قال بلغنا ان زيدا كان بالشام فبلغه مخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل يريده فقتل بمضيعة من ارض البلقاء وقال ابن إسحاق لما توسط بلاد لخم قتلوه وقيل إنه مات قبل المبعث بخمس سنين عند بناء قريش الكعبة (قوله بأسفل بلدح) هو مكان في طريق التنعيم بفتح الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة واخره مهملة ويقال هو واد (قوله فقدمت) بضم القاف (قوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم) كذا للأكثر وفي رواية الجرجاني فقدم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة قال عياض الصواب الأول (قلت) رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما وقال ابن بطال كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم فأبى ان يأكل منها فقدمها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن عمرو فأبى ان يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها أولا انا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم انتهى وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فاني لم اقف عليه في رواية أحد وقد تبعه ابن المنير في ذلك وفيه ما فيه (قوله على أنصابكم) بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام قال الخطابي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام ويأكل ما عدا ذلك وان كانوا لا يذكرون اسم الله عليه لان الشرع لم يكن نزل بعد بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه الا بعد المبعث بمدة طويلة (قلت) وهذا الجواب أولى مما ارتكبه ابن بطال وعلى تقدير ان يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكورة فإنما يحمل على أنه انما ذبح عليه لغير الأصنام واما قوله تعالى
(١٠٨)