في الليلة الثالثة منشقا نصفين عرض كل واحد منهما كعرض القمر ليلة أربع أو خمس ثم اتصلا فصار في شكل أترجة إلى أن غاب قال وأخبرني بعض من أثق به انه شاهد ذلك في ليلة أخرى انتهى ولقد عجبت من البيهقي كيف أقر هذا مع إيراده حديث ابن مسعود المصرح بان المراد بقوله تعالى وانشق القمر ان ذلك وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ساقه هكذا من طريق ابن مسعود في هذه الآية اقتربت الساعة وانشق القمر قال لقد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ساق حديث ابن مسعود لقد مضت آية الدخان والروم والبطشة وانشقاق القمر وسيأتي الكلام غلى هذا الحديث الأخير في تفسير سورة الدخان إن شاء الله تعالى (قوله باب هجرة الحبشة) أي هجرة المسلمين من مكة إلى ارض الحبشة وكان وقوع ذلك مرتين وذكر أهل السير ان الأولى كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث وان أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة وقيل وامرأتان وقيل كانوا اثني عشر رجلا وقيل عشرة وانهم خرجوا مشاة إلى البحر فاستأجروا سفينة بنصف دينار وذكر ابن إسحاق ان السبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما رأى المشركين يؤذونهم ولا يستطيع ان يكفهم عنهم ان بالحبشة ملكا لا يظلم عنده أحد فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجا فكان أول من خرج منهم عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واخرج يعقوب بن سفيان بسند موصول إلى أنس قال أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما فقدمت امرأة فقالت له لقد رايتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار فقال صحبهما الله ان عثمان لأول من هاجر باهله بعد لوط (قلت) وبهذا تظهر النكتة في تصدير البخاري الباب بحديث عثمان وقد سرد ابن إسحاق أسماءهم فاما الرجال فهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وأبو حذيفة بن عتبة ومصعب بن عمير وأبو سلمة بن عبد الأسد وعثمان بن مظعون وعامر بن ربيعة وسهيل بن بيضاء وأبو سبرة بن أبي رهم العامري قال ويقال بدله حاطب بن عمرو العامري قال فهؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة قال ابن هشام وبلغني انه كان عليهم عثمان بن مظعون واما النسوة فهن رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة وأم سلمة بنت أبي أمية امرأة أبي سلمة وليلى بنت أبي حثمة امرأة عامر بن ربيعة ووافقه الواقدي في سردهن وزاد اثنين عبد الله بن مسعود وحاطب بن عمرو مع أنه ذكر في أول كلامه انهم كانوا أحد عشر رجلا فالصواب ما قال ابن إسحاق انه اختلف في الحادي عشر هل هو أبو سبرة أو حاطب واما ابن مسعود فجزم ابن إسحاق بأنه انما كان في الهجرة الثانية ويؤيده ما روى أحمد بإسناد حسن عن ابن مسعود قال بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلا فيهم عبد الله بن مسعود وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وأبو موسى الأشعري فذكر الحديث وقد استشكل ذكر أبي موسى فيهم لان المذكور في الصحيح ان أبا موسى خرج من بلاده هو وجماعة قاصدا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فألقتهم السفينة بأرض الحبشة فحضروا مع جعفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ويمكن الجمع بان يكون أبو موسى هاجر أولا إلى مكة فأسلم فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع من بعث إلى الحبشة فتوجه إلى بلاد قومه وهم مقابل الحبشة من الجانب الشرقي فلما تحقق استقرار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة هاجر
(١٤٣)