ما قال كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة فلهذا عقب بقوله سيهزم الجمع انتهى ملخصا وقال غيره وكان النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة في مقام الخوف وهو أكمل حالات الصلاة وجاز عنده أن لا يقع النصر يومئذ لان وعده بالنصر لم يكن معينا لتلك الواقعة وإنما كان مجملا هذا الذي يظهر وزل من لا علم عنده ممن ينسب إلى الصوفية في هذا الموضع زللا شديدا فلا يلتفت إليه ولعل الخطابي أشار إليه (قوله فخرج وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر) وفي رواية أيوب عن عكرمة عن ابن عباس لما نزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر قال عمر أي جمع يهزم قال فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدروع ويقول سيهزم الجمع أخرجه الطبري وابن مردويه وله من حديث أبي هريرة عن عمر لما نزلت هذه الآية قلت يا رسول الله أي جمع يهزم فذكر نحوه وهذا مما يؤبد ما قدمته أن ابن عباس حمل هذا الحديث عن عمر وسيأتي في التفسير عن عائشة نزلت بمكة وأنا جارية ألعب بل الساعة موعدهم الآية (قوله باب) كذا للجميع بغير ترجمة ووقع في شرح شيخنا ابن الملقن باب فضل من شهد بدرا وتبع في ذلك بعض النسخ وهو خطأ من جهة أن هذه الترجمة بعينها ستأتي فيما بعد فلا معنى لتكررها (قوله أخبرني عبد الكريم) هو الجزري بينه أبو نعيم في المستخرج من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج قال حدثني عبد الكريم الجزري انتهى وفي طبقته ممن يروى عن مقسم ويروي عنه ابن جريج عبد الكريم بن أبي المخارق أحد الضعفاء ولم يخرج له البخاري شيئا مسندا ومقسم بكسر الميم هو أبو القاسم مولى ابن عباس وهو في الأصل مولى عبد الله بن الحارث الهاشمي وإنما قيل له مولى ابن عباس لشدة لزومه له وماله في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وسيأتي شرحه في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى (قوله باب عدة أصحاب بدر) أي الذين شهدوا الوقعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن ألحق بهم (قوله استصغرت) بضم أوله ومراد البراء أن ذلك وقع عند حضور القتال فعرض من يقاتل فرد من لم يبلغ وكانت تلك عادة النبي صلى الله عليه وسلم في المواطن (قوله أنا وابن عمر) قال عياض هذا يرده قول ابن عمر استصغرت يوم أحد وكذا اعترض به ابن التين وزاد بأن إخبار ابن عمر عن نفسه أولى من أخبار البراء عنه انتهى وهو اعتراض مردود إذ لا تنافي بين الاخبارين فيحمل على أنه استصغر ببدر ثم استصغر بأحد بل جاء ذلك صريحا عن ابن عمر نفسه وأنه عرض يوم بدر وهو ابن ثلاث عشرة سنة فاستصغر وعرض يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فاستصغر وسيأتي بيان ذلك في غزوة الخندق إن شاء الله تعالى ثم وجدت في ابن أبي شيبة من طريق مطرف عن أبي إسحاق عن البراء مثل حديث الباب وزاد آخره وشهدنا أحدا فهذه الزيادة إن حملت على أن المراد بقوله وشهدنا أحدا نفسه وحده دون ابن عمر وإلا فما في الصحيح أصح (قوله وحدثني محمود) هو ابن غيلان ووهب هو ابن جرير بن حازم ووقع في نسخة وهب بن جرير (قوله عن البراء) في رواية إسحاق بن راهويه في مسنده عن وهب بن جرير بسنده سمعت البراء (قوله وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين) كذا في هذه الرواية وسيأتي في آخر الكلام على هذه الغزوة أنهم كانوا ثمانين أو زيادة ويأتي وجه التوفيق بينهما هناك إن شاء الله تعالى
(٢٢٦)