ويحيى بن يحيى فدل على أن الوهم وقع فيه ممن دون مسلم إذ لو كان عنده عن أبي هريرة لبينه أبو نعيم ويقوي ذلك أيضا ان الدارقطني مع جزمه في العلل بان الصواب انه من حديث أبي سعيد لم يتعرض في تتبعه أوهام الشيخين إلى رواية أبي معاوية هذه وقد أخرجه أبو عبيدة في غريب الحديث والجوزقي من طريق عبد الله بن هاشم وخيثمة من طريق سعيد بن يحيى والإسماعيلي وابن حبان من طريق علي بن الجعد كلهم عن أبي معاوية فقالوا عن أبي سعيد وأخرجه ابن ماجة عن أبي كريب أحد شيوخ مسلم فيه أيضا عن أبي معاوية فقال عن أبي سعيد كما قال الجماعة الا انه وقع في بعض النسخ عن ابن ماجة اختلاف ففي بعضها عن أبي هريرة وفي بعضها عن أبي سعيد والصواب عن أبي سعيد لان ابن ماجة جمع في سياقه بين جرير ووكيع وأبي معاوية ولم يقل أحد في رواية وكيع وجرير انها عن أبي هريرة وكل من أخرجها من المصنفين والمخرجين أورده عنهما من حديث أبي سعيد وقد وجدته في نسخة قديمة جدا من ابن ماجة قرئت في سنة بضع وسبعين وثلثمائة وهي في غاية الاتقان وفيها عن أبي سعيد واحتمال كون الحديث عند أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد وأبي هريرة جميعا مستبعد إذ لو كان كذلك لجمعهما ولو مرة فلما كان غالب ما وجد عنه ذكر أبي سعيد دون ذكر أبي هريرة دل على أن في قول من قال عنه عن أبي هريرة شذوذا والله أعلم وقد جمعهما أبو عوانة عن الأعمش ذكره الدارقطني وقال في العلل رواه مسدد وأبو كامل وشيبان عن أبي عوانة كذلك ورواه عفان ويحيى ابن حماد عن أبي عوانة فلم يذكرا فيه أبا سعيد قال ورواه زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وكذلك قال نصر بن علي عن عبد الله بن داود قال والصواب من روايات الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد لا عن أبي هريرة قال وقد رواه عاصم عن أبي صالح فقال عن أبي هريرة والصحيح عن أبي صالح عن أبي سعيد انتهى وقد سبق إلى ذلك علي بن المديني فقال في العلل رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد ورواه عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال والأعمش أثبت في أبي صالح من عاصم فعرف من كلامه ان من قال فيه عن أبي صالح عن أبي هريرة فقد شذ وكان سبب ذلك شهرة أبي صالح بالرواية عن أبي هريرة فيسبق إليه الوهم ممن ليس بحافظ واما الحفاظ فيميزون ذلك ورواية زيد بن أبي أنيسة التي أشار إليها الدارقطني أخرجها الطبراني في الأوسط قال ولم يروه عن الأعمش الا زيد بن أبي أنيسة ورواه شعبة وغيره عن الأعمش فقالوا عن أبي سعيد انتهى واما رواية عاصم فاخرجها النسائي في الكبرى والبزار في مسنده وقال ولم يروه عن عاصم الا زائدة وممن رواه عن الأعمش فقال عن أبي سعيد أبو بكر بن عياش عند عبد بن حميد ويحيى بن عيسى الرملي عند أبي عوانة وأبو الأحوص عند ابن أبي خيثمة وإسرائيل عند تمام الرازي واما ما حكاه الدارقطني عن رواية أبي عوانة فقد وقع لي من رواية مسدد وأبي كامل وشيبان عنه على الشك قال في روايته عن أبي سعيد أو أبي هريرة وأبو عوانة كان يحدث من حفظه فربما وهم وحديثه من كتابه أثبت ومن لم يشك أحق أبا لتقديم ممن شك والله أعلم وقد أمليت على هذا الموضع جزءا مفردا لخصت مقاصده هنا بعون الله تعالى * (تكملة) * اختلف في ساب الصحابي فقال عياض ذهب الجمهور إلى أنه يعزر وعن بعض المالكية يقتل وخص بعض الشافعية ذلك بالشيخين والحسنين فحكى القاضي حسين في ذلك وجهين وقواه السبكي في
(٢٩)