يسأل السائب) أي ابن يزيد (قوله ابن أخت النمر) تقدم ذكره قريبا في المناقب النبوية (قوله العلاء بن الحضرمي) اسمه عبد الله بن عماد وكان حليف بني أمية وكان العلاء صحابيا جليلا ولاه النبي صلى الله عليه وسلم البحرين وكان مجاب الدعوة ومات في خلافة عمر وماله في البخاري إلا هذا الحديث (قوله ثلاث للمهاجر بعد الصدر) بفتح المهملتين أي بعد الرجوع من منى وفقه هذا الحديث أن الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها ولهذا رثى النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة أن مات بمكة ويستنبط من ذلك أن إقامة ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر وفي كلام الداودي اختصاص ذلك بالمهاجرين الأولين ولا معنى لتقييده بالأولين قال النووي معنى هذا الحديث أن الذين هاجروا يحرم عليهم استيطان مكة وحكى عياض أنه قول الجمهور قال وأجازه لهم جماعة يعني بعد الفتح فحملوا هذا القول على الزمن الذي كانت الهجرة المذكورة واجبة فيه قال واتفق الجميع على أن الهجرة قبل الفتح كانت واجبة عليهم وأن سكنى المدينة كان واجبا لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته بالنفس وأما غير المهاجرين فيجوز له سكنى أي بلد أراد سواء مكة وغيرها بالاتفاق انتهى كلام القاضي ويستثنى من ذلك من أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالإقامة في غير المدينة واستدل بهذا الحديث على أن طواف الوداع عبادة مستقلة ليست من مناسك الحج وهو أصح الوجهين في المذهب لقوله في هذا الحديث بعد قضاء نسكه لان طواف الوداع لا إقامة بعده ومتى أقام بعده خرج عن كونه طواف الوداع وقد سماع قبله قاضيا لمناسكه فخرج طواف الوداع عن أن يكون من مناسك الحج والله أعلم وقال القرطبي المراد بهذا الحديث من هاجر من مكة إلى المدينة لنصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعني به من هاجر من غيرها لأنه خرج جوابا عن سؤالهم لما تحرجوا من الإقامة بمكة إذ كانوا قد تركوها لله تعالى فأجابهم بذلك وأعلمهم أن إقامة الثلاث ليس بإقامة قال والخلاف الذي أشار إليه عياض كان فيمن مضى وهل ينبني عليه خلاف فيمن فر بدينه من موضع يخاف أن يفتن فيه في دينه فهل له أن يرجع إليه بعد انقضاء تلك الفتنة يمكن أن يقال إن كان تركها لله كما فعله المهاجرون فليس له أن يرجع لشئ من ذلك وإن كان تركها فرارا بدينه ليسلم له ولم يقصد إلى تركها لذاتها فله الرجوع إلى ذلك انتهى وهو حسن متجه إلا أنه خص ذلك بمن ترك رباعا أو دورا ولا حاجة إلى تخصيص المسألة بذلك والله أعلم (قوله باب التاريخ) قال الجوهري التاريخ تعريف الوقت والتوريخ مثله تقول أرخت وورخت وقيل اشتقاقه من الأرخ وهو الأنثى من بقر الوحش كأنه شئ حدث كما يحدث الولد وقيل هو معرب ويقال أول ما أحدث التاريخ من الطوفان (قوله من أين أرخوا التاريخ) كأنه يشير إلى اختلاف في ذلك وقد روى الحاكم في الإكليل من طريق ابن جريج عن أبي سلمة عن ابن شهاب الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأول وهذا معضل والمشهور خلافه كما سيأتي وأن ذلك كان في خلافة عمر وأفاد السهيلي أن الصحابة أخذوا التاريخ بالهجرة من قوله تعالى لمسجد أسس على التقوى من أول يوم لأنه من المعلوم أنه ليس أول الأيام مطلقا فتعين أنه أضيف إلى شئ مضمر وهو أول الزمن الذي عز فيه الاسلام وعبد فيه النبي
(٢٠٨)