عليه أن يقول لا إله إلا الله ولم يقل فيها محمد رسول الله لان الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة ويحتمل ان يكون أبو طالب كان يتحقق انه رسول الله ولكن لا يقر بتوحيد الله ولهذا قال في الأبيات النونية ودعوتني وعلمت انك صادق * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا فاقتصر على امره له بقول لا إله إلا الله فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف على الشهادة بالرسالة (تكملة) من عجائب الاتفاق ان الذين ادركهم الاسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة لم يسلم منهم اثنان واسلم اثنان وكان اسم من لم يسلم ينافي أسامي المسلمين وهما أبو طالب واسمه عبد مناف وأبو لهب واسمه عبد العزى بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس (قوله حديث الاسراء وقول الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) سيأتي البحث في لفظ أسرى في تفسير سورة سبحان إن شاء الله تعالى قال ابن دحية جنح البخاري إلى أن ليلة الاسراء كانت غير ليلة المعراج لأنه أفرد لكل منهما ترجمة (قلت) ولا دلالة في ذلك على التغاير عنده بل كلامه في أول الصلاة ظاهر في اتحادهما وذلك أنه ترجم باب كيف فرضت الصلاة ليلة الاسراء والصلاة انما فرضت في المعراج فدل على اتحادهما عنده وانما أفرد كلا منهما بترجمة لان كلا منهما يشتمل على قصة مفردة وان كانا وقعا معا وقد روى كعب الأحبار ان باب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس فأخذ منه بعض العلماء ان الحكمة في الاسراء إلى بيت المقدس قبل العروج ليحصل العروج مستويا من غير تعويج وفيه نظر لورود ان في كل سماء بيتا معمورا وان الذي في السماء الدنيا حيال الكعبة وكان المناسب ان يصعد من مكة ليصل إلى البيت المعمور بغير تعويج لأنه صعد من سماء إلى سماء إلى البيت المعمور وقد ذكر غيره مناسبات أخرى ضعيفة فقيل الحكمة في ذلك أن يجمع صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة بين رؤية القبلتين أو لان بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فحصل له الرحيل إليه في الجملة ليجمع بين اشتات الفضائل أو لأنه محل الحشر وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية فكان المعراج منه أليق بذلك أو للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسا ومعنى أو ليجتمع بالأنبياء جملة كما سيأتي بيانه وسيأتي مناسبة أخرى للشيخ ابن أبي جمرة قريبا والعلم عند الله وقد اختلف السلف بحسب اختلاف الأخبار الواردة فمنهم من ذهب إلى أن الاسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث والى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل نعم جاء في بعض الأخبار ما يخالف بعض ذلك فجنح لأجل ذلك بعض أهل العلم منهم إلى أن ذلك كله وقع مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدا ومرة ثانية في اليقظة كما وقع نظير ذلك في ابتداء مجئ الملك بالوحي فقد قدمت في أول الكتاب ما ذكره ابن ميسرة التابعي الكبير وغيره ان ذلك وقع في المنام وانهم جمعوا بينه وبين حديث عائشة بان ذلك وقع مرتين والى هذا ذهب المهلب شارح البخاري وحكاه عن طائفة وأبو نصر بن القشيري ومن قبلهم أبو سعيد في شرف المصطفى قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم معاريج منها ما كان في اليقظة ومنها ما كان في المنام وحكاه السهيلي عن ابن العربي واختاره وجوز بعض قائلي ذلك أن تكون قصة المنام وقعت قبل المبعث لأجل قول شريك في روايته عن أنس وذلك قبل
(١٥٠)