والأنبياء احياء في قبورهم ولعل هذا هو الحكمة في تعريف الموتتين حيث قال لا يذيقك الله الموتتين أي المعروفتين المشهورتين الواقعتين لكل أحد غير الأنبياء واما وقوع الحلف من عمر على ما ذكره فبناه على ظنه الذي أداه إليه اجتهاده وفيه بيان رجحان علم أبي بكر على عمر فمن دونه وكذلك رجحانه عليهم لثباته في مثل ذلك الامر العظيم (قوله أيها الحالف على رسلك) بكسر الراء أي هينتك ولا تستعجل وتقدم في الطريق الذي بالجنائز ان أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبي فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر وقد اعتذر عمر عن ذلك كما سيأتي في باب الاستخلاف من كتاب الأحكام (قوله فنشج الناس) بفتح النون وكسر المعجمة بعدها جيم أي بكوا بغير انتحاب والنشج ما يعرض في حلق الباكي من الغصة وقيل هو صوت معه ترجع كما يردد الصبي بكاءه في صدره (قوله واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة) هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي ثم الساعدي وكان كبير الخزرج في ذلك الوقت وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة ان أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل انحازوا إلى أبي بكر ومن معه وهؤلاء من الأوس وفي حديث ابن عباس عن عمر تخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة فيجمع بأنهم اجتمعوا أولا ثم افترقوا وذلك أن الخزرج والأوس كانوا فريقين وكان بينهم في الجاهلية من الحروب ما هو مشهور فزال ذلك بالاسلام وبقي من ذلك شئ في النفوس فكأنهم اجتمعوا أولا فلما رأى أسيد ومن معه من الأوس أبا بكر ومن معه افترقوا من الخزرج ايثارا لتأمير المهاجرين عليهم دون الخزرج وفيه ان عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر (قوله فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر ابن الخطاب وأبو عبيدة) في رواية ابن عباس المذكورة فقلت له يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار وزاد أبو يعلى من رواية مالك عن الزهري فيه فبينما نحن في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل ينادي من وراء الجدار ان اخرج إلي يا ابن الخطاب فقلت إليك عني فانا عنك مشاغيل يعني بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له انه قد حدث أمر فان الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل ان يحدثوا أمرا يكون فيه حرب فقلت لأبي بكر انطلق فذكره قال فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فقالا لا عليكم الا تقربوهم واقضوا امركم قال فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة وذكر في آخر الحديث عن عروة ان الرجلين اللذين لقياهم هما عويمر بن ساعدة بن عابس بن قيس ابن النعمان من بني مالك بن عوف ومعن بن عدي بن الجعد بن العجلان حليفهم وهما من الأوس أيضا وكذا وقعت تسميتهما في رواية ابن عيينة عن الزهري أخرجه الزبير بن بكار (قوله فذهب عمر يتكلم فاسكته أبو بكر إلى آخره) وفي رواية ابن عباس قال عمر أردت ان أتكلم وقد كنت زورت أي هيأت وحسنت مقالة أعجبتني أريد ان اقدمها بين يدي أبي بكر وكنت إداري منه بعض الحد أي الحدة فقال على رسلك فكرهت ان أغضبه (قوله ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس) بنصب أبلغ على الحال ويجوز الرفع على الفاعلية أي تكلم رجل هذه صفته وقال السهيلي النصب أوجه ليكون تأكيدا لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفا بذلك غيره وفي رواية ابن عباس قال قال عمر والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري الا قالها في بديهته
(٢٣)