نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٧ - الصفحة ٣١١
إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما (46) ولكنهم

(٤٦) إذ شأن كل شخص ان يذر ويخلف بعد حياته ما كان جمعه في حال الحياة مما كان يروفه ويعظم في نظره ويحن قلبه إليه، ويهوي فؤاده إليه، والأنبياء عليهم السلام لم يجمعوا زخارف الدنيا من الدراهم والدنانير وغيرهما ولم يهتموا بادخارهما، وما كانوا معجبين بهما، حتى يصرفوا عزائمهم ورغائبهم في تحصيلهما وجمعهما واستنمائهما، بل كانوا فيهما من الزاهدين، وعن اقتنائهما من الراغبين، وعن ذويهما من المعرضين، الا بقدر البلغة وما تدفع به الضرورة الوقتية، فطبيعة حالهم اقتضت ان لا يكون لهم درهم ولا دينار، ولا ساكن ولا متحرك، ولا نضار ولا عقار، ولم يرد (ع) نفي الإرث بين الأنبياء ومخلفيهم من الاباء والأبناء وبقية طبقات الوراث، فان هذا مما اجمع على بطلانه أعدال الكتاب، وفى طليعتهم سيد العترة وخليفة رسول الله ووصيه بلا فصل أمير المؤمنين عليه السلام، وقد ملئ الطوامير، وطرش الجهال والسماسير من تكذيبه (ع) من ادعى ان الأنبياء لا ارث لهم، وقد تواتر عنه عليه السلام واجمع أولاده المعصومون على أنه عليه السلام ادعى ميراث رسول الله (ص) لزوجته وحبيبة رسول الله فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وقد دوخ اذن الدهر حجاج الزهراء المرضية على أبي بكر لما طلبت ارثها من تركة رسول لله فصدقها علي والحسنان (ع)، وشهدوا لها بالميراث وصحة الدعوى، وهم حكام عدل، وقولهم هو الفصل، ويستحيل أن يحمل على الهزل، بشهادة آية التطهير، وحديث الثقلين، وحديث السفينة، وحديث النجوم، وحديث الطائر، وحديث علي مع الحق، والحق معه، يدور معه حيثما دار، وحديث علي مع القرآن، والقرآن معه، وحديث: ابناي هذان امامان قاما أو قعدا، وحديث: ان الله يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها، إلى غير ذلك مما تواتر عن النبي (ص)، من طرق الفريقين، وقد تكفل لاثبات تواترها كتاب العبقات، وغاية المرام، والغدير، وغيرها.
وبالجملة فمن ضروريات فقه أهل بيت العصمة (ع)، ان الأنبياء (ع) كسائر الناس يرثون ويورثون، فلو بقي منهم مال بعد وفاتهم فهو لورثتهم، ويمكن أيضا حمل هذا الكلام وأشباهه على المعتاد المتعارف، حيث إن أهل الدنيا لا يعدون المال القليل، وما كان بقدر البلغة مالا، ولا يطلقون اسم التركة والميراث عليه، لتنزيله عندهم منزلة العدم، فيقولون فلان معدم لامال له، وفلان مات فقيرا ولم يخلف شيئا، فمن لم يكن عنده وفر، ولم يدخر ثروة جمة يقولون فيه: ذهب ولم يترك لورثته ميراثا، والأنبياء (ع) كانوا على هذه الحالة، إذ لم يدخروا مالا للربح والازدياد، ولم يعمروا عقارا للاستنماء، ولم يتخذوا الكنوز، ولم يقنطروا القناطير، ففي نظر أهل الدنيا لامال لهم حتى يورثوا ويحظوا الورثة.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تحية وإهداء 5
2 المقدمة 6
3 من وصية له عليه السلام في الحث على العلم 10
4 حول سند الوصية 15
5 ماهية العلم الذي حث الشارع على طلبه، وعمن ينبغي اخذه 28
6 فضيلة العلم والعلماء في الحديث 41
7 فضيلة العلم والعلماء في كلام الحكماء 47
8 فضيلة العلم والعلماء في الشعر 51
9 من وصية له عليه السلام في الحث على التقوى والزهد 53
10 حول رواة الوصية 56
11 التقوى في اللغة والشرع 57
12 الأحاديث الواردة في الزهد 61
13 أقوال الحكماء في الزهد 69
14 بعض ما قيل في الزهد من الشعر 71
15 من وصية له عليه السلام في مكارم الأخلاق 75
16 الحث على اكتساب المعاش 76
17 الحث على صلة الرحم 78
18 ما ورد في مدح السخاء وذم البخل 82
19 من وصية له عليه السلام في الحث على مداراة الناس 86
20 من وصية له عليه السلام لما ضربه المرادي لعنه الله 88
21 حول سند الوصية 94
22 اخباره عليه السلام بشهادته 96
23 كيفية شهادته عليه السلام وسببها 105
24 أعماله عليه السلام في ليلة استشهاده 117
25 استشهاده في الصلاة 124
26 بين العواد وبينه عليه السلام 127
27 علمه عليه السلام بما يجري عليه 133
28 من وصية له عليه السلام إلى ولديه الحسن والحسين عليهما السلام 149
29 من وصية له إلى ولده المجتبى عليهما السلام 151
30 من كلام له عليه السلام بعدما ضربه المرادي لعنه الله 153
31 من وصية له عليه السلام إلى أولاده وخواص شيعته 154
32 عيادة عمرو بن الحمق والأصبغ بن نباته إياه 154
33 من وصية له عليه السلام لما حضرته الوفاة 159
34 اسناد آخر للوصية الشريفة 164
35 بعض ما قيل في رثائه يوم وفاته عليه السلام 167
36 بعض ما قيل في رثائه من الشعر 172
37 حول رواة الوصية الشريفة 178
38 المأثور في تفسير قوله: (واعتصموا بحبل الله) 200
39 من وصية له عليه السلام لابنه محمد بن الحنيفة 204
40 بعض رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام 211
41 بعض الحقوق في حديث الإمام الصادق عليه السلام 215
42 فضل قراءة القرآن في كل يوم 222
43 شطر آخر من الوصية الشريفة 227
44 المأثور من الحديث في معنى المروءة 232
45 شطر آخر من الوصية الشريفة 232
46 حول العجب وبعض ما ورد فيه من الحديث 233
47 سوء الخلق وذمه في الحديث 241
48 بعض الأحاديث الواردة في ذم الضجر وقلة الصبر 245
49 شطر آخر من الوصية الشريفة 247
50 القرين الصالح ومن ينبغي مجالسته، في الحديث المأثور 251
51 المأثور من الحديث في مجانبة الأنذال والفساق 257
52 بعض ما قيل من الشعر في مجانبتهم 262
53 معنى الأدب في اللغة وفي الحديث 265
54 بعض ما قالته الحكماء في الأدب 268
55 بعض ما ورد من الشعر في الأدب 270
56 حول المشاورة وبعض ما ورد فيها من الحديث 274
57 أقوال الحكماء في المشاورة 279
58 بعض ما قالته الشعراء في المشاورة 282
59 معنى الصبر في اللغة وفي الحديث والحث عليه 283
60 حث الحكماء والعظماء على الصبر 293
61 بعض الشعر المأثور في الصبر 296
62 بعض الأحاديث الواردة في الاعتصام بالله 300
63 شطر آخر من الوصية الشريفة 309
64 حول حقيقة الرزق لغة وشرعا، وبعض أقوال المعتزلة والأشاعرة في ذلك 320
65 هل الرزق يزداد بالسعي والاكتساب؟ 328
66 بعض ما ورد من الشعر في ان الرزق مقسوم 337
67 معنى الحكمة، والآثار الواردة في شأنها وشأن الحكماء 340
68 حث الشرع على التفقه في الدين وقدر الفقهاء 350
69 حث الشرع على مراعاة الناس والرضى لهم بما يرضاه الانسان لنفسه 353
70 حسن الخلق ومدحه في المأثور من السنة 357
71 الحث على مداراة الناس في مأثور السنة 366
72 بعض الأحاديث المحذرة عن ارخاء اللسان 369
73 بعض أقوال الحكماء في الصمت والكلام 380
74 بعض الشعر المأثور في الصمت وقلة الكلام 386
75 التحذير عن التساهل في التزود للآخرة، والوثوق بمن لا ورع له 390
76 شطر آخر من وصيته (ع) لابنه محمد بن الحنفية 394
77 حول اسناد الوصية الشريفة وطرق روايتها 400
78 السنة المأثورة في شأن الصديق ولوازم الصداقة 405
79 الصديق والصداقة في الشعر 414
80 أقوال الحكماء في الصداقة والصديق 419
81 حث السنة على اتخاذ الاخوان ورعاية حقوقهم 423
82 بعض ما قيل في مراعاة حقوق الاخوان من الشعر 426
83 حقوق الاخوان عند الحكماء 429
84 على المؤمن ان لا يتظاهر بالفقر 431
85 ذم الحكماء للطمع وردعهم عنه 438
86 ذم السؤال والطمع في الشعر 440
87 تراجم رواة الوصية الشريفة 444
88 من وصية له (ع) إلى الإمام الحسين عليه السلام 448