القدى، وتجرعت ريقي على الشجى وصبرت على أمر من العلقم، وآلم للقلب من حز الشفار (52).
وأما أمر عثمان فكأنه علم من القرون الأولى علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى (53) خذله أهل بدر.
(٥٢) (أغضيت عيني على القذى) أي غمضتها عليه.
والاغضاء: غمض جفني العين وتطبيقهما حتى لا يرى شيئا. والقذى:
ما يقع في العين من تبن ونحوه. والشجى: ما اعترض في الحق من عظم ونحوه.
والعلقم: شجر مر بالغ المرارة. ويطلقه العرب على كل مر. والحز: الوجع والألم. والشفار: جمع الشفرة كضربة: السكاكين العظيمة العريضة. قال محمد عبده: (وكل هذا تمثيل للصبر، والاختناق على المضض الذي آلم به من حرمانه حقه وتألب القوم عليه).
(٥٣) لعل المراد ان أمره كان شبيها بأمور وقعت على القرون الأولى التي لم تكونوا شاهدي أعمالهم لتعلموا حسن عاقبتهم أو شناعتها، فعلمها عند الله الذي لا ينسى، ولا يضل، ولا يعزب عنه شئ، وعلم الحوادث قبل وقوعها فاثبتها في اللوح المحفوظ.
يمكن أن يريد (ع) من قوله: (في كتاب) القرآن، فالمراد ان حالة يستعلم من القرآن، فإن كان في أعماله خائفا فله جنتان، وإن كان ظالما غير مبال بالله تعالى، فهو ممن يعض على يديه ويقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. ولعل هذا المعنى أوفق بقوله: (خذله أهل بدر) إذ أتباع معاوية وأنصاره يروون عنه (ص) ما معناه: ان الله أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وكذا يروون عنه (ص) قوله: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. ولا خلاف أن جمهور البدريين من المهاجرين والأنصار خذلوا عثمان، بل رؤساؤهم كطلحة والزبير، كانوا ممن ألبوا على عثمان.