مسعدة فاقتتلوا قتالا شديدا، وأصابت ابن مسعدة جراحات ومضى قوم من أصحابه إلى الشام منهزمين لا يلوون عليه، وبقي معه قوم منهم فلجأ [ابن مسعدة] ولجأوا [معه] إلى حائط حول حصن تيماء محيط به قديم، فجمع المسيب حوله الحطب وأشعل فيه النار، فناشدوه أن لا يحرقهم وكلم فيهم، فأمر [المسيب] بإطفاء تلك النار، وكان على الثلمة التي يخرج منها إلى طريق الشام، عبد الرحمان بن أسماء الفزاري وهو الذي كان يقاتل يومئذ ويقول:
أنا ابن أسماء وهذا مصدقي * أضربهم بصارم ذي رونق فلما جن عليه الليل خلى سبيلهم فمضوا حتى لحقوا بمعاوية، وأصبح المسيب فلم يجد في الحصن أحدا، فسأله بعض أصحابه أن يأذن له في اتباع القوم، فأبى ذلك.
وقدم المسيب على علي وقد بلغه الخبر، فحجبه أياما ثم دعا به فوبخه وقال [له]: نا بيت قومك وداهنت وضيعت؟! فاعتذر إليه وكلمه وجوه أهل الكوفة بالرضاء عنه، فلم يجبهم وربطه إلى سارية من سواري المسجد، ويقال: إنه حبسه ثم دعا به فقال له: إنه قد كلمني فيك من أنت أرجا عندي منه، فكرهت أن يكون لأحد منهم عندك يد دوني.
فأظهر الرضاء عنه وولاه قبض الصدقة بالكوفة، فأشرك في ذلك بينه وبين عبد الرحمان بن محمد الكندي، ثم إنه حاسبهما فلم يجد عليهما شيئا فوجههما بعد ذلك في عمل ولا هما إياه فلم يجد عليهما سبيلا فقال: