ابن الخطاب، ففارقني وهو عني راض. [قال:] فخرج من عند عثمان وهو محتفز عليه (7) فجعل يؤلب عليه الناس ويحرضهم عليه (8)، فلما
(٧) كذا في النسخة، قال في مادة (حفز) من اللسان: الحفز [كفلس]: حثك الشئ من خلفه سوقا وغير سوق. واحتفز فلان في جلوسه: أراد القيام والبطش بشئ. واحتفز في مشيه: احتث واجتهد.
وفي الرواية الآتية عن الطبري: (فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه). وهو أظهر.
(٨) وأظهر من هذه الرواية في تذبذب عمرو، واجلابه الناس على عثمان وتشاتمهما ما رواه الطبري في حوادث سنة ٣٥ من تاريخه ج ٤ ص ٣٩١ قال: وأما الواقدي فإنه ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان أمورا كثيرة، منها ما تقدم ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني ذكره لبشاعته، ومنها ما ذكر [من] أن عبد الله بن جعفر حدثه عن أبي عون مولى المسور، قال:
كان عمرو بن العاص على مصر، عاملا لعثمان، فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة، واستعمل عبد الله بن سعد، على الخراج، ثم جمعهما لعبد الله بن سعد، فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان، فأرسل إليه عثمان يوما خاليا به، فقال [له]: يا ابن النابغة ما أسرع ما قمل جربان جبتك، إنما عهدك بالعمل عاما أول [كذا] أتطعن علي وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر، والله لولا أكلة ما فعلت ذلك. فقال عمرو: إن كثيرا مما يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل، فاتق الله يا أمير المؤمنين في رعيتك. فقال عثمان: والله لقد استعملتك على ضلعك وكثرة القالة فيك!! فقال عمرو: قد كنت عاملا لعمر بن الخطاب ففارقني وهو عني راض. فقال عثمان: وانا والله لو أخذتك بما أخذك به عمر لاستقمت، ولكني لنت عليك فاجترأت علي، أما والله لأنا أعز منك نفرا في الجاهلية، وقبل أن إلي هذا السلطان. فقال عمرو: دع عنك هذا، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وهدانا به، قد رأيت العاصي [كذا] بن وائل، ورأيت أباك عفان، فوالله العاص كان أشرف من أبيك. فانكسر عثمان وقال: مالنا ولذكر الجاهلية. وخرج عمرو، ودخل مروان فقال: يا أمير المؤمنين وقد بلغت مبلغا يذكر عمرو ابن العاص أباك؟ فقال عثمان: دع هذا عنك، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه.
قال: فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه [فكان] يأتي عليا مرة فيؤلبه على عثمان، ويأتي الزبير مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان!!! ويعترض الحاج فيخبرهم بما أحدث عثمان!!!
فلما كان حصر عثمان الأول خرج من المدينة حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع، فنزل في قصر له يقال له: العجلان وهو يقول:
العجب ما يأتينا عن ابن عفان [خبر]؟!! فبينا هو جالس في قصره ذلك، ومعه ابناه محمد وعبد الله وسلامة بن روح الجذامي، إذ مر بهم راكب فناداه عمرو: من أين قدم الرجل؟ فقال: من المدينة. قال: ما فعل الرجل؟
- يعني عثمان - قال: تركته محصورا شديد الحصار. قال عمرو: أنا أبو عبد الله، قد يضرط الغير والمكواة في النار فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مر به راكب آخر، فناداه عمرو: ما فعل الرجل؟ - يعني عثمان - قال:
قتل. قال: أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها، أن كنت لأحرض عليه، حتى أني لأحرض عليه الراعي في غنمه في الجبل!!! فقال له: سلامة بن روح: يا معشر قريش انه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسرتموه، فما حملكم على ذلك؟ فقال [عمرو]: أردنا أن نخرج الحق من خاصرة الباطل!!!
(ظ) وأن يكون الناس في الحق شرعا سواء.
[قال:] وكانت عند عمرو، أخت عثمان لأمه: أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط ففارقها حين عزله. ورواه أيضا في تاريخ الكامل: ج ٣ ص ٨٢.
وأيضا روى الطبري - بعد ما تقدم بورق في ص 395 - إن عمرو بن العاص نادى عثمان - وهو يخطب على المنبر -: أتق الله يا عثمان، فإنك قد ركبت نهابير، وركبناها معك فتب إلى الله نتب. فناداه عثمان: وأنك هناك يا ابن النابغة، قملت والله جبتك منذ تركناك من العمل. - وساق الكلام إلى أن قال: - وخرج عمرو بن العاص حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول: والله إن كنت لألقي الراعي فأحرضه عليه. أقول: قال في مادة (النهابر) من التاج، ما ملخصه: النهابر والنهابير: المهالك - وكذلك الهنابير - وما أشرف من الأرض. وقيل: ما أشرف من حبال الرمل، ومنه قول عمرو بن العاص لعثمان: إنك قد ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمور فركبوها منك، وملت بهم فمالوا بك، أعدل - أو اعتزل -. يعني بالنهابير:
أمورا شدادا صعبة، شبهها بنهابير الرمل لأن المشي يصعب على من ركبها.
أو النهابير: الحفر بين الآكام، الواحدة نهبرة ونهبورة - بضمهما -.
وقيل النهابر: جهنم.