لما انصرف علي رضي الله عنه من النهروان (2) قام في الناس خطيبا فقال - بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم -:
أما بعد فإن الله قد أعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.
فقاموا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنتنا، فانصرف بنا إلى مصرنا حتى نستعد بأحسن عدتنا ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من فارقنا وهلك منا، فإنه أقوى لنا على عدونا.
وكان الذي تكلم بهذا الأشعث بن قيس الكندي فبايعهم [كذا] وأقبل بالناس حتى نزل بالنخيلة، وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم على جهاد عدوهم ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم، فأقاموا معه أياما متمسكين برأيه وقوله، ثم تسللوا حتى لم يبق منهم أحد إلا رؤس أصحابه!!! فقام فيهم خطيبا فقال:
الحمد لله فاطر الخلق وفالق الإصباح، وناشر الموتى وباعث من في القبور.