قال الكليني رفع الله درجاته: هذه الخطبة من مشاهير خطبه عليه السلام حتى لقد ابتذلها العامة (25) وهي كافية لمن طلب علم التوحيد إذا تدبرها وفهم ما فيها، فلو اجتمع السنة الجن والإنس ليس فيها لسان نبي على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به - بأبي وأمي - ما قدروا عليه، ولولا إبانته عليه السلام ما علم الناس كيف يسلكون سبيل التوحيد، ألا ترون إلى قوله: (لا من شئ كان ولا من شئ خلق ما كان) فنفى بقوله: (لا من شئ كان) معنى الحدوث، وكيف أوقع على ما أحدثه صفة الخلق والاختراع بال أصل ولا مثال نفيا لقول من قال: إن الأشياء محدثة بعضها من بعض. وابطالا لقول الثنوية الذين زعموا أنه لا يحدث شيئا إلا من أصل ولا يدبر إلا باحتذاء مثال!! فدفع عليه السلام بقوله: (لا من شئ خلق ما كان) جميع حجج الثنوية وشبههم لأن أكثر ما يعتمد [ه] الثنوية (26) في حدوث العالم أن يقولوا:
لا يخلوا من أن يكون الخالق خلق الأشياء من شئ أو من لا شئ، فقولهم:
(من شئ) خطأ، وقولهم (من لا شئ) مناقضة وإحالة لأن (من) توجب شيئا، و (لا شئ) تنفيه فأخرج أمير المؤمنين عليه السلام هذه اللفظة على أبلغ الألفاظ وأصحها فقال: (لا من شئ خلق ما كان) فنفى (من) إذ